آفاق المستقبل

تصحيح مفاهيم وتكوين رؤى

سورة الكهف: أسرار المستقبل في خبايا الماضي -الجزء الثالث

فتنة إبليس

satanقال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}[1]

هذه قصة البداية، بداية قصة الإنسان في هذه الحياة، وللبداية دلالة على طبيعة مسار ما بعدها، ومهما بعد الزمن وطال العهد، يبقى لبداية قصة وجودنا أثر بالغ ومؤثر، وأهم منه، فإن البداية توضح معنى ما بعدها من الأحداث والتفاعلات.

وأصل مصائب الإنسان وبلاءه من إبليس، فهنا إشارة سريعة لتنّبه على بداية المشاكل، ومصدر البلايا، ومدبّر الرزايا.

ومن اللافت للنظر أن الله جعل ذكر قصة إبليس هذه في وسط السورة بعد القصتين السابقتين وقبل اللاحقتين، وقد تكون هذه إشارة إلى مركزية هذه الحقيقة التي تحملها هذه القصة. وهذا هو الصراع الذي لا يتوقف والعداوة التي لا تنتهي.

تاريخ ومستقبل الصراع مع الشيطان

لقد سجل القرآن هذه العدواة القديمة، قال تعالى: { فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}[2]

ولهذا الموقف القديم يكون موقفنا معه في المقابل ثابتا، قال تعالى: { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[3]

وهذه العلاقة السيئة لم تتوقف، بل تستمر وتتنامى، ولم يقتصر إبليس في الكيد من آدم وذريته على عمله الفردي، بل له في ذلك ترتيبات ضخمة على مستوى العالم وعلى مدى التاريخ الطويل. فإبليس رأس مردة الشياطين، وقائدهم وومعلمهم، ويدل على ذلك بالتفصيل ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً،

يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا،

فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا.

ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ.

فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ.

فَيَلْتَزِمُهُ.”[4]

فإبليس له جيوش وجنود لإضلال البشر وإشقائهم، عملوا بروح عسكرية عالية في هذه المهمة السخيفة، قال تعالى لإبليس: { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}[5] والملاخظ أن القرآن هنا استخدم مصطلحات حربية، كما في قوله تعالى أيضا: { وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}[6] وذلك يدل بوضوح على جدية إبليس وجنوده واستماتتهم في ذلك. وهذا يدعونا إلى المضاعفة في الاجتهاد والشدة في الاتقاء من مكايد الشيطان واللجوء الجاد إلى الله والارتماء في كنف حفظه سبحانه.

وقد ينجح الشيطان في إخراج الإنسان عن طاعة الله، ولكن سرعان ما تبدّد وذهب هذا الجهد إذا تاب الإنسان إلى ربه وعاد إلى الطريق المستقيم، { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}[7]، لقد أدركته رحمة الله فلم يتماد في خطإه عليه السلام، فقال: { قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[8] {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[9]

وفي الأثر: “عَلَيْكُمْ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالِاسْتِغْفَارِ، فَأَكْثِرُوا مِنْهُمَا فَإِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: أَهْلَكْتُهُمْ بِالذُّنُوبِ وَأَهْلَكُونِي بِالِاسْتِغْفَارِ.”[10]

نمط المواجهة وطبيعة الصراع

منشأ هذه العداوة كان شعور إبليس بالاستعلاء، وعدم الرضى بالتكريم الذي حظي به  أبونا آدم، فتولد الحقد الشديد، فعزم إبليس على إذلال آدم وإغوائه ليجرده من ذلك الاستحقاق {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[11] وقال: { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}[12]

وأول كيد إبليس جاء على شكل الوسوسة والتأثير الفكري، قال تعالى: { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}[13] وقال تعالى: { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}[14]

فكان الشيطان يقنع آدم وحواء لمخالفة أمر الله بالإدلاء بمعلومات مغلوطة بل جاءت من مصدر يجب الشك فيه، وقد قال الله لهما: {فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}[15] ، فخالفا اليقين بتصديق الظنون والأوهام.

وكل ما يسعى له الشيطان هو معاكسة الطريق الصحيح، وعلى بني آدم ألا يتابعوا ذلك الاتجاه المغلوط، { وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ . إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[16]

فكان الشيطان دائما يسعى إلى اعتراض طريق بني آدم فيحيدهم عنها { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}[17]

فهدف الشيطان هو إخراج بني آدم من الصراط المستقيم عن طريق الإعواء والتزيين، { قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ }[18] وقال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[19]

لابن آدم قوتان تؤثران عليه قوة خيرة وقوة شريرة، الأولى تدعو إلى الخير وتشجعه عليه، والثانية ادعو إلى الشر وتؤزّه عليه أزّا، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: “أَلَا وَإِنَّ لِلْمَلَكِ لَمَّةٌ، وَلِلشَّيْطَانِ لَمَّةٌ، فَلَمَّةُ الْمَلَكِ إِيعَادٌ لِلْخَيْرِ، وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ إِيعَادٌ بِالشَّرِّ، فَمَنْ وَجَدَ لَمَّةَ الْمَلَكِ فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ لَمَّةَ الشَّيْطَانِ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[20].”[21]

والحقيقة أن الشيطان ليس له أي تأثير على البشر لو لا استجابتهم له وانصياعهم لدعوته، قال تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ}[22]

وقد صور الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام خريطة هذه المواجهات، كما في مسند أحمد وسنن الترمذي مستدرك الحاكم عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا، وَلَا تَتَعَرَّجُوا، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ، قَالَ: وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ، وَالسُّورَانِ: حُدُودُ اللَّهِ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ: مَحَارِمُ اللَّهِ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ: كِتَابُ اللَّهِ، وَالدَّاعِي مِنِ فَوْقَ الصِّرَاطِ: وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ.”[23]

أسلحة ضد الشياطين

وإبليس كائن غيبي لا يُرى بعين مجردة، لكنه حاضر وفاعل ومؤثر في حياة الناس. وفي هذه السورة كشف الله هويته  { كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } بخلاف بقية سور القرآن التي لم تفصح عن هذه الحقيقة صراحة، وهذا الوضوح الذي حسم المسألة أن إبليس ليس من الملائكة، فكان فيهم وليس منهم، وهذا يفسر ما يكون سببا للتصرف الناشز الذي صدر منه، بينما كان كل الملائكة سجدوا طاعة لله، شذ هذا من بينهم فاعترض واستكبر، فإنه ليس من العنصر النوارني الذي تمحض للخير والصفاء بل كان من مارج من نار، حيث الحرارة والالتهاب والاضطراب والتعالي مع خفة الوزن. قال تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}[24]

وهذا الأصل الذي خلق منه إبليس يكشف لنا نقاط ضعفه، لذلك علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم كيفية محاربة هذا العنصر بإتيان عكسها، فالحرارة والالتهاب تُطفأ بماء الوضوء، والاضطراب وعدم الثبات يقاوم بالأناة والهدوء، والتعالى يقاوم بالتواضع.

وفي مسند أحمد وسنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ.[25]

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ.[26]

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ.[27]

ومن أقوى الاسلحة لمواجهة الشيطان هو الاستعاذة من الشيطان، في الصحيحين عن سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ، مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.”[28]

وعن عبد الله بن عَمرو بن العاص، عن النبيّ – صلى الله عليه وسلم : أنه كانَ إذا دخلَ المَسجِدَ قال: “أعوذُ باللهِ العظيمِ، وبوجهِهِ الكريم، وسُلطانِه القديم، من الشَّيطانِ الرَّجيم”، قال “فإذا قالَ ذلك قالَ الشَّيطانُ: حُفِظَ منِّي سائرَ اليَومِ.”[29]

وذكر الله عموما يطرد الشيطان، أخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس أنه قال: “الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس.”[30]

ويكون الهروب أشد إذا كان الذكر أذانا للصلاة رفعه المؤذن على الملإ في المسجد.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِي كَمْ صَلَّى.”[31]

ومما يحفظ الإنسان من الشيطان قراءة آية الكرسي، كما دل عليه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَذَكَرَ الحَدِيثَ -، فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ»[32]

ومن الحماية أيضا قراءة سورة البقرة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ»[33]

وأعظم الحماية من الشيطان هو التزام طريق الطاعات واجتناب مسالك الغوايات، فإن الله يحمي عباده المخلصين، ويستثني عن ذلك الغاوين، قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }[34] والغواية اتباع الهوى ومخالفة أمر الله.

إن اتباع هدى الله هو الذي يحمي الإنسان من الضلال والشقاء، قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }[35]

واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم يضمن طريق الهداية، قال تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[36]

ولخص الرسول صلى الله عليه وسلم طريق السلامة في التمسك بأمرين: كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، مالك في الموطإ والحاكم في المستدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ”[37]

أولياء الشيطان

ليس من الغريب أن يكره الإنسان الشياطين ويعادونهم، ويكون هذا له موقفا ثابتا وعقيدة راسخة، ولكن الغريب أن هناك من بني الإنسان من يتخذون الشياطين لهم أولياء!!

وكان هذا الاستنكار الإلهي موجها لهؤلاء الممسوخين: { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}[38]

وهؤلاء الموالون للشياطين على درجات:

الشيطانية

الدرجة الأولى: من يطيع الشيطان صراحة ويمارسه بقناعة تامة، ولا ينكرون أنهم يعبدون الشيطان.

ومن هؤلاء طائفة تسمي أنفسهم بالشيطانية (Satanism)، وقد تعرف بـفرقة “عبدة الشيطان”، وهي من الجماعات الخطيرة التي انتشرت مؤخراً في كثير من البلاد, وهذه الجماعة تمثل أحد مظاهر الانتكاسة، والبعد عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، إذ توجهت جماعات، وأقوام إلى عبادة الشيطان، وتقديسه من دون الله .

ظهرت فكرة عبادة الشيطان وتقديسه في عدد من الديانات القديمة ، وكان عند بعضها آلهة عديدة تمثل الشر .ففي الحضارة المصرية القديمة وُجد الإله ” سيت ” ، أو ” سيث ” ، وهو يقترب من كلمة satan أي : شيطان ، الذي يمثل قوة الشر ، وقد قدم المصريون له القرابين اتقاءً لشرّه .وفي الحضارة الهندية : كان للشيطان دور كبير في حياتهم الدينية ، عبروا عنه باسم ” الراكشا ” .وعند الإغريق : كان اسمه “دي إت بولس”، أي : المعترض .وفي أرض فارس : بدأت عبادة الشر ، والشيطان ، على تخوم الصحراء الآسيوية ، وكانوا يعبدون شياطين الليل ، التي تطورت للتعبير عن الشر بالظلمة ، والخير بالنور ، وبما يعرف باسم ” الثنوية ” .

وفي القرون الوسطى ظهرت في أوروبا عدة جماعات تتخذ من الشيطان إلهاً ، ومعبوداً ، منها جماعة “فرسان الهيكل” (Knights Temple) التي ظهرت في فرنسا، وكان لها اجتماعات ليلية مغلقة تبتهل فيها للشيطان، وتدعو أتباعها إلى تدنيس كل ما هو مقدس، وكان فرسان الهيكل يتميزون بلبس قميص أسود يسمونه ” الكميسية “، وقد انتشرت هذه الجماعة في فرنسا، وإنجلترا، والنمسا، ثم اكتشفتها الكنيسة، وقامت بحرق مجموعة من أتباعها، وقتلت زعيمها ما بين عامي 1310 – 1335م، وقد قالت إحدى عضوات هذه المجموعة قبل حرقها: “إن الله ملك السماء، والشيطان ملك الأرض، وهما ندّان متساويان، ويتساجلان النصر، والهزيمة، ويتفرد الشيطان بالنصر في العصر الحاضر!.”

ثم ظهرت هذه الأفكار في منتصف الأربعينيات من القرن العشرين .ففي عام 1948م ألّف البريطاني “ألستر كراولي” الذي تخرج من جامعة كامبردج كتاباً أسماه “الشيطان الأبيض” دافع فيه عن الإثارة، والشهوات الجنسية، وألقى محاضرات مطولة عن الجنس في بريطانيا ، وأصبح بعد ذلك هو المعلّم الأول لجماعة “عبدة الشيطان”، التي أخذت تنتشر أيضاً في الولايات المتحدة ، ليتزعمها بعد ذلك يهودي أمريكي هو “انطوان شذليفي ” Antone chethleivy الملقب بـ”البابا الأسود.”

وقد ترعرع ” ليفي ” في كاليفورنيا ، وفي سنة 1966 م أعلن عن فرقته ، وأسس في سنة 1969 م معبداً يدعى بكنيسة الشيطان، كما ألّف عدداً من الكتب الفلسفية؛ لترويج الفكر الشيطاني، منها كتاب “الشيطان يقول”، ويحتوي على عبارات الشيطان التسع، وأحكام الأرض الإحدى عشر ، وكتاب “الإنجيل الأسود” ، وهدف إلى تحقير طقوس المسيحية، وشعائرها، وإلى بيان كيفية ممارسة العبادة، ويعتبر مرجعاً أساسياً لتوجيه الأتباع .

ظلت المجتمعات الإسلامية محصنة فترة من الوقت من هذه ” الديانة الإبليسية ” إلاّ أن بعض العوامل أدت إلى دخولها إلى بعض الدول الإسلامية ، أهمها :

1- تطور وسائل الاتصالات ، خاصة وأن شبكة الإنترنت هي الوسيلة الأهم لنشر أفكارهم ، والتواصل بين الأتباع ، ولهم على هذه الشبكة أكثر من ثمانية آلاف عنوان .

2- تسارع وتيرة التطبيع بين الدولة اليهودية والعديد من الدول العربية والإسلامية ، الأمر الذي أدى إلى ازدياد الخلطة بين مواطني هذه الدول وبين اليهود , ولا يخفى هنا حرص اليهود على إفساد المسلمين ، وصرفهم عن دينهم ، ونشر الأفكار المنحرفة بينهم ، ومنها أفكار عبادة الشيطان ، لا سيما أن الشيطان حسب العقيدة اليهودية : رمز من رموز القوة المطلقة التي تضاهي قوة الله سبحانه ، كما أنهم لا يُحمّلون الشيطان وزر إغواء آدم وإخراجه من الجنة .

3- ترويج الكُتّاب اليساريين للأفكار المنحرفة في المجتمعات الإسلامية .

4- تسخير كافة وسائل الإعلام ، والثقافة ، والفن ، لنشر أفكار عبادة الشيطان ، وجعلها مستساغة عند المسلمين ، ومن ذلك : نشر وسائل الإعلام الغربية لأفلام تتحدث عن مصاصي الدماء ، وأشخاص ذوي قدرات سحرية ، ليغروا الشباب بامتلاكها إن وجدت , وللأسف تساهم كثير من الفضائيات العربية في نشر مثل تلك الأعمال .

أما أفكارهم وطقوسهم وممارساتهم فتتلخص فيما يلي :

1- اعتقادهم بأن الشيطان ظُلِم من قِبَل الله – معاذ الله – عندما طرده من الجنة لمّا رفض السجود لآدم، لذلك فإنهم يعتبرون أن الشيطان يستحق التقدير ، وهو رمز القوة والإصرار ، كما يعتبرون الشيطان القوة العظمى التي تحرك الحياة والبشر .

2- إطلاق العنان لممارسة الجنس ، والشهوات ، وتعاطي المخدرات ، والخمور ، إذ جاء في بعض وصاياهم : ” أطلق العنان لأهوائك ، وانغمس في اللّذة ، واتبع الشيطان فهو لن يأمرك إلاّ بما يؤكد ذاتك ، ويجعل وجودك وجوداً حيويّاً ” ، وكان ” تراولي ” – الذي سبق ذكره – يقول لأتباعه : ” خذ من الجنس ما شئت ، وكيف تشاء ، ومع من تشاء ، وعلى الآخر أن يسلم لك ” ! .

3- من طقوسهم : ارتداء الثياب السوداء ، وإطالة الشعور ، ورسم وشم الصليب المعقوف ، على صدورهم ، وأذرعهم ، أو النجمة السداسية ، ولبس قلادة سوداء عبارة عن نجمة خماسية يتوسطها رأس شيطان بقرنين ملتويين إلى الخلف .

4- يفضّلون الاجتماع لأداء طقوسهم في أماكن مهجورة ، أو نائية ، أحياناً ، ويرسمون على جدرانها أشكالاً مخيفة ، كالأفاعي ، والجماجم ، أو أشكالاً غريبة ، تدمج فيها أكثر من حيوان ، أو هيئة .

5- يرافقهم في هذه الجلسات الموسيقى الصاخبة ، ويرددون بعض الكلمات على شكل أغانٍ ينشد فيها الموت والانتحار ، إضافة إلى تعاطي المخدرات ، والمسكرات ، بشكل مبالغ فيه ، وفي مثل هذه الحالات قد يلعقون دماء بعض ، أو يمزقون قطة ، أو كلباً ، أو ديكاً ، ويختارون اللون الأسود من الحيوانات ، ويمزقونه وهو حي ، ويعبثون بدمائه .

6- إقدام بعضهم على الانتحار ؛ لأن هذا من الحرية التي يزعمونها ، إذ يقولون إن للإنسان الحرية أن يأكل ما يشاء ، ويلبس ما يشاء ، ويموت متى يشاء ! والانتحار عندهم انتقال إلى عالم السعادة الحقيقية ، وأشبه بمحطة من محطات كثيرة يتدرج فيها الإنسان .

7- نبش القبور ، وإخراج جثث الموتى ، ويتراقص كبيرهم فوق الجثة التي يعثرون عليها ، ويقولون : إنهم يفعلون ذلك لتقسية قلوبهم ، ولمعاينة العدم والشعور به محسوساً ، والتدريب على ممارسة القتل دون أن تطرف لهم عين .

8- اعتبارهم أن الأخلاق تكرس الضعف ، وحماية الضعفاء ، وهم إنما يريدون أن تقوم العلاقات بين الناس وفق اللذة ، والمنفعة ، ويعتبرون الأخلاق عنصر تعويق ، لا عامل دفع وترقية .

الوصايا التسع :

وهي مجموعة من الوصايا ، والمبادئ ، والتي تعتبر من ثوابتهم :

1- أطلق العنان لأهوائك وانغمس في اللذة .

2- اتبع الشيطان ، فهو لن يأمرك إلاّ بما يؤكد ذاتك ، ويجعل وجودك وجوداً حيويّاً .

3- الشيطان يمثل الحكمة ، والحيوية غير المشوهة ، وغير الملوثة ، فلا تخدع نفسك بأفكار زائفة ، سرابية الهدف .

4- أفكار الشيطان محسوسة ، ملموسة ، ومشاهدة ، ولها مذاق ، وتفعل بالنفس والجسم فعل الترياق ، والعمل بها فيه الشفاء لكل أمراض النفس .

5- لا ينبغي أن تتورط في الحب ، فالحب ضعف ، وتخاذل ، وتهافت .

6- الشيطان يمثل الشفقة لمن يستحقونها،  بدلاً من مضيعة الحب للآخرين وجاحدي الجميل .

7- انتزع حقوقك من الآخرين ، ومن يضربك على خدك : فاضربه بجميع يديك على جسمه كله .

8- لا تحب جارك ، وإنما عامله كأحد الناس العاديين .

9- لا تتزوج ، ولا تنجب ، فتتخلص من أن تكون وسيلة بيولوجية للحياة ، وللاستمرار فيها ، وتكون لنفسك فقط [39].

ويوجد اتجاهان رئيسيان للشيطانية هما: الشيطانية الإيمانية (Theistic Satanism) والشيطانية الإلحادية  (Atheistic Satanism). الشيطانية الإيمانية تبجل الشيطان كإله خارق للطبيعة، على عكس الشيطانيين الإلحاديين[40] الذين ينظرون إلى أنفسهم على أنهم ملحدون ولايؤمنون بالشيطان المادي بل يؤمنون بالشيطان الرمزي الذي يرمز إلى بعض الخصال البشرية.[41]

اليزيدية

الدرجة الثانية: من يمجد الشيطان ويعتقد أنه مدبر الكون، ولكنهم لا يسمونه شيطانا. ومن هؤلاء طائفة تسمى اليزيدية أو الايزيدية.

وهي مجموعة دينية تتمركز في العراق وسوريّة يعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في  العراق، وتعيش مجموعات أصغر في تركيا، وسوريا، وألمانيا، وجورجيا وأرمينيا، ويرى باحثوهم أن ديانتهم قد انبثقت عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين.[42]

ويرى بعض الباحثين الإسلاميين وغيرهم أن الديانة الإيزيدية هي ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام،[43] ويرى آخرون أنها خليط من عدة ديانات قديمة مثل الزردشتية والمانوية أو امتداد للديانة الميثرائية.

تشير الأبحاث الحديثة أن اسم الإيزيديين مأخوذ من اللفظ الفارسي “إيزيد” الذي يعني الملاك أو المعبود، وأن كلمة الإيزيديين تعني ببساطة “عبدة الله” أو هكذا يصف أتباع هذه الديانة أنفسهم. ويشير البعض إلى أن سبب تسمية الإيزيديين بعبدة الشيطان أساسها رفضهم الجمع بين حرفي الشين والطاء، وتشاؤمهم من أي لعن، بما فيه لعن إبليس لأنه لم يسجد لآدم، فإنه بذلك ـ في نظرهم ـ يعتبر الموحد الأول الذي لم ينس وصية الرب بعدم السجود لغيره في حين نسيها الملائكة فسجدوا، وإن أمر السجود لآدم كان مجرد اختبار، وقد نجح إبليس في هذا الاختبار فهو بذلك – في رأيهم – أول الموحدين.[44]

كان وما زال منشأ الديانة الإيزيدية محل جدلٍ واختلافٍ بين الباحثين والكتاب. فأنتجوا العديد من النظريات والآراء التي لاحقها التخبط والتناقض.[45] ويعود سبب ذلك لعوامل عدةٍ: أولها حقيقة أن ما كُتب عنهم قديماً كان بأقلام غير الملمين عمليا بأحوالهم ومعتقداتهم ومن غير المتعايشين شخصياً مع الإيزيدية، واعتمادهم على المرويات من القصص والاستماع إلى الناس الذين يتناقلون الأساطير والحكايات عنهم بلا إسناد موثق. ثانياً هو انغلاق المجتمع الإيزيدي وخوفهم من الأجانب والغرباء نتيجة الحروب والاضطهاد الذي مورس ضدهم الأمر الذي جعلهم يُحيطون ديانتهم بهالة من السرية والغموض.[46] يضاف إلى كل ما سبق عدم وجود أسسٍ مكتوبةٍ لهذه الديانة حيث يحتفظ رجال الدين بأصولهم الدينية بالحفظ الشفهي وبالتالي يكون العلم عندهم محفوظاً في الصدور لا على الورق.[47]

الشخصية (البشرية) الأكثر محورية في الديانة الإيزيدية هو عدي بن مسافر. فالإيزيديون يتناولون اسمه بعظيم التبجيل والاحترام ويعدون قبره أكثر المناطق تقديسا على وجه الأرض حيث يعتبرونه “مجدد” الديانة.[48] ويعتبره عدد غير قليل من المؤرخين أصل الديانة الإيزيدية ومؤسسها.[49] في الميثولوجيا الإيزيدية “طاووس ملك” عظيم الملائكة قد تجسد في عدي بن مسافر، حيث يقول هو عن نفسه: “كنت حاضراً عندما كان أدم يعيش في الجنة، وكذلك عندما القى النمرود إبراهيم في النار، وكنت حاضراً عندما قال لي الله أنت الحاكم وأنت إله الأرض.”

“طاووس ملك” هو الشخصية المحورية والأكثر شهرةً في الديانة الإيزيدية. وتذكر الأساطير الإيزيدية أن الله قد أمر كل الملائكة بأن يسجدوا لآدم، وكان القصد من وراء ذلك هو اختبار الملائكة، فقد كان الله قد أخذ عهداً من الملائكة السبعة بأن لا يسجدوا لغيره. فسجدوا كلهم إلا طاووس ملك، أبى ولم يسجد، وعندما سأله الله لماذا لم تكن من الساجدين؟ قال: عندما خلقتنا أمرتنا يا ربنا أن لا نسجد إلا لك، وأنا لم ولن أسجد لغير وجهك الكريم يا رب. هنا فاز طاووس ملك بالامتحان وقد كافأه الله بجعله أقرب المخلوقات إليه وأناط به حكم الكون.[50]

هذه القصة شبيهة جداً بتلك الواردة في قصة الخلق الكتابية: الإسلامية والمسيحية واليهودية، لذا فقد تم تعريف طاووس ملك من قبل غير الإيزيدية على أنه الشيطان نفسه.[51] ومن هذا الأساس تم وصفهم بعبدة الشيطان.[52] ويرفض الإيزيدية هذا الوصف حيث أنهم لا يؤمنون بوجود كائن شرير مثل الشيطان يعمل على توريط البشر وإغواءهم وإنما يعتقدون أن الشر نابع من الإنسان نفسه. وأن طاووس ملك هو ملاكٌ قد خُلق من نور الله لذا فهو كائن خير وأي تشبيهٍ له مع الشيطان الوارد في الديانات الأخرى هو إهانةٌ لمقدساتهم.

يعتقد الإيزديون أن الله موجودٌ في كل شيءٍ، وهو الأساس والمخلوقات أجزاءٌ من الروح العليا، والجزء تابعٌ للكل؛ لذا فإن تقديسهم للظواهر الكونية كالشمس والنور والقمر مبنيٌّ على فكرة كون هذه الظواهر جزءٌ من الذات الإلهية وتجسيداً لقدرته الخارقة. الإيزيديون يواجهون الشمس في صلواتهم ويؤمنون بتناسخ الأرواح وبسبع ملائكة.

  • التوحيد: التوحيد من إحدى الأسس الثابتة في فلسفة الدين الإيزدي، لذا فإن الإيزديون لا يعتقدون بوجود الأرواح الشريرة والعفاريت والشياطين والأبالسة لأنهم يعتقدون أن الإقرار بوجود قوىً أخرى تُسيّر الإنسان يعني الثانوية وتبريرٌ لما يقوم به البشر من أفعال. لذا فإن الإنسان في العقيدة الإيزدية يمثل المسؤول عما يفعله وليس الجن أو الأرواح الشريرة، وأن الله هو كله خير أما الشر فيأتي أيضاً من بابه نتيجةٌ لأفعال البشر، لذا الصراع بين الخير والشر هو في الأساس صراعٌ بين النفس والعقل فإذا انتصر العقل على النفس نال الإنسان خيراً.
  • الصلاة: يُصلي الايزيدية خمس مراتٍ في اليوم، وهذه الصلوات هي: صلاة الفجر، صلاة الشروق، صلاة الظهر، صلاة العصر، صلاة الغروب. يواجه المصلون الشمس في جميع الصلوات ما عدا صلاة الظهر حيث يتوجهون إلى لالش.[53]
  • القبلة: القبلة لدى الإيزديين هي الشمس باعتبارها أعظم ما خلقه الله حيث يتوجه الإيزدي أو الإيزدية نحو الشمس للدعاء التي تأخذ شكل الدعاء والمصلي عليه الاغتسال أولا ومن ثم الوقوف بخشوعٍ رافعاً يديه إلى السماء وهو حافي القدمين، وهذا يتكرر في اليوم ثلاثة مراتٍ عند الشروق وعند الغروب وكذلك في الليل قبل النوم، وتُتلى في كل مرةٍ تراتيلٌ وأدعيةٌ خاصةٌ تتميز بأسلوب أدبيٍ ولغويٍ قويٍ جداً أشبه بالشعر الموزون والمقفى.
  • التناسخ: تؤمن الإيزيدية بالتقمص والتناسخ، والتقمص يعني انتقال الروح من جسد المتوفى إلى جسدٍ آخرٍ حديث الولادة. ويعتقد الإيزيديون أن الروح أزليةٌ لا تموت ولا تتلاشى وإنما تنتقل بين الأجيال المتعاقبة.[54]

يعد معبد لالش من أقدم المعابد في كردستان العراق، حيث تُرجع بعض المصادر تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد.[55] يحج الإيزيديون مرة واحدة خلال حياتهم على الأقل إلى لالش حيث يستمر الحج سبعة أيام. أما الإيزيديون القاطنون في المنطقة فيقومون بحج سنوي خلال فصل الخريف من 23 أيلول وحتى الأول من تشرين الأول.

فهاتين الطائفتين تعتقدان أن للشياطين دورا في تدبير الكون وخلق الأشياء، ففند الله أقوالهم تلك بشدة بقوله: { مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا }[56]

أتباع الشيطان بالفعل والهوى لا عن وعي ومعرفة

أما الدرجة الثالثة: فهم من يكره الشيطان ويعاديه في اعتقاده ويتبعه في أفعاله وخطواته، وهم جم غفير من الناس. فإن كثيرا من الناس خالفوا شرع الله اتباعا للهوى وانصياعا لوساوس الشيطان جهلا وغفلة. وهذه هي الغواية التي تفتح باب تسلط الشيطان على الناس، قال تعالى: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }[57]

والشيطان له مدخلان للتأثير على الناس: مدخل الشهوات ومدخل الشبهات. أما مدخل الشهوات فهو إفساد في إرادة الإنسان دوافعه ومقاصده، فاتجه هذا المسكين وقصد إلى ما يضره ويبعده عن الله، وقد سقط كثير من الناس في مهاوي المعاصي بسبب اتباع الهوى وإرضاء الشهوات، قال تعالى: { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }[58]

وسبب ذلك ضعف الإيمان، لأن الإيمان إذا لم يستقر في القلب فلَت صاحبه إلى مزلق المعصية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ”[59] ولا يعني ذلك أن المؤمن لا يرتكب معصية قط، بل المؤمن هو من إذا ارتكب خطيئة لم يلبث أن يرجع إلى الله وتاب وأقلع عن الذنب، قال تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ }[60] وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ }[61] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ.”[62]

وإذا كانت الشهوات نخرا في القوة الإرادية، فإن الشبهات إصابة في القوة العلمية، وهذه أخطر من الأولى، لأن صاحبها يحسب أن ما ارتكبه من المخالفة صوابا، واتبع خطوات الشيطان وهو يظن أنه على حق وهدى مستقيم، قال تعالى فيهم: { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}[63] وقال: { إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ }[64]

وذلك بسبب خلل في الفكر وخطإ في المعلومات. وذلك لأنهم لم يتلقوا معلوماتهم من مصدر صحيح ولم يبنوا مفاهيمهم على منهج مستقيم. كما ضلل إبليس آدم بمعلومات خاطئة ولم يتأكد آدم منها، ولم يراجعها ولم يرفضها فوقع في شباك إبليس عليه لعنة الله.

وليس الشأن فيمن أخطأ ورجع عنه، ولكن المصيبة فيمن أصر على خطإه وتمادى في عصيانه وابتعد عن الإيمان والتقوى، فأولئك أولياء الشيطان بالفعل، قال تعالى: { إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ }[65] فعلى هؤلاء الذين تنكبوا الطريق سلط الله عليهم الشيطان واستحوذ عليهم، قال تعالى: { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ }[66]  – والضمير يرجع إلى الشيطان- وقال تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[67]

وعلى هؤلاء الطوائف وجّه الله هذه الإدانة الشديدة: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ . وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}[68]

شياطين الإنس

والشياطين لا ينحصرون في الجن، فإن في البشر من يكونون شياطين لغلبة شرهم وسوء معدنهم. “وَكُلُّ عَاتٍ مُتَمَرِّدٍ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالدَّوَابِّ فَهُوَ شَيْطَانٌ.” كما قال في المصباح المنير.[69] وقال الطبري رحمه الله: “شياطينَ كل شيء مَرَدَتُه.”[70]

قال أبو عبيدة: الشيطان اسم لكل عارم من الجن والانس والحيوانات.[71]

وتجد مصداق ذلك في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}[72]

وقد أمر الله تعالى بالاستعاذة من شياطين الجن والإنس على السواء، قال عز وجل: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ . الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ . مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}[73]

وقد سمى الله العصابة التي يرجع إليها المنافقون شياطين، قال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[74]

قال ابن كثير: “{شَيَاطِينِهِمْ} يَعْنِي: سَادَتِهِمْ وَكُبَرَاءِهِمْ وَرُؤَسَاءِهِمْ من أحبار اليهود ورؤوس الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ.”[75]

وشياطين الإنس أكثر خطرا وأقوى خداعا وأشد مكرا من شياطين الجن، لأنهم يعيشون بين البشر يتكلمون بألسنتهم ويعرفون عاداتهم ومألوفاتهم، ولا يستنكر الناس وجودهم بينهم. بل من شياطين الإنس من يعطى قبولا وجاذبية كبيرين لحسن مظهرهم وحلاوة ألسنتهم، قال عز شأنه: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}[76] وقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}[77]

وهؤلاء إذا استفحل أمرهم، يشكلون دعوة خطيرة إلى الشر وحركة نشيطة لإخراج الناس من النور إلى الظلمات، وهم أشبه ما يكونون بما سماهم الرسول: “دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا.” ولما سأل الصحابة رضي الله عنهم عن صفات هؤلاء، قال عليه الصلاة والسلام: “هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا.”[78]

وهؤلاء لم يكونوا بعملون بمفردهم لإضلال الناس، بل يتكاتفون فيما بينهم، ويشجع بعضهم بعضا، ويتواصون على الشر والعدوان، قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[79] والله المستعان وإليه المآب.

[1] سورة الكهف: 50

[2] سورة طه: ١١٧

[3] سورة فاطر: ٦

[4] أخرجه مسلم (4/2167 رقم: 2813)

[5] سورة الإسراء: ٦٤

[6] سورة الشعراء: ٩٥

[7] سورة طه: ١٢٢

[8] سورة الأعراف: ٢٣

[9] سورة البقرة: ٣٧

[10] أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1/9 رقم: 7)

[11] سورة ص: ٨٢

[12] سورة الأعراف: ١٦ – ١٧

[13] سورة الأعراف: ٢٠

[14] سورة طه: ١٢٠

[15] سورة طه: ١١٧

[16] سورة البقرة: ١٦٩

[17] سورة الأعراف: ١٦ – ١٧

[18] سورة الحجر: ٣٩

[19] سورة ص: ٨٢

[20] سورة البقرة: 268

[21] أخرجه الطبراني في الكبير (9/101 رقم: 8532)

[22] سورة إبراهيم: ٢٢

[23] أخرجه أحمد (29/181 رقم: 17634) والترمذي (5/144 رقم 2859) والنسائي في سننه الكبرى (6/361 رقم 11233) والحاكم (1/144 رقم 245) وصححه واللفظ له وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (3/171 رقم 3537)

[24] سورة الرحمن: ١٥

[25] أخرجه أبو داود (4/249 رقم: 4784) وأحمد (36/421 رقم: 17302) حسنه عبد القادر الأرنؤوط في حاشيته على جامع الأصول (8/439 رقم: 6201)

[26] أخرجه أحمد (5/61 رقم: 2029) والبخاري في الأدب المفرد (1/95 رقم: 245) قال الهيثمي: ورجال أحمد ثقات (مجمع الزوائد: 8/70 رقم: 12989)

[27] أخرجه أبو داود (4/249 رقم: 4782) وأحمد (35/278 رقم: 21348) وابن حبان (23/402 رقم: 5780) قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد: 8/71)

[28] أخرجه البخاري (8/28 رقم: 6115) ومسلم (4/2015 رقم: 2610)

[29] أخرجه أبو داود (1/349 رقم: 466) وحسن إسناده النووي في الأذكار (1/31 رقم: 82) وصححه التبريزي في مشكاة المصابيح (1/165 رقم: 749)

[30] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (8/196 رقم: 5)، وأخرجه البخاري معلقا في صحيحه (6/181) والحاكم في المستدرك (9/324 رقم: 3950)

[31] أخرجه البخاري (1/125 رقم: 608) ومسلم (1/291 رقم: 389)

[32] أخرجه البخاري (4/123 رقم: 3275)

[33] أخرجه مسلم (1/539 رقم: 780)

[34] سورة الحجر: ٤٢

[35] سورة طه: ١٢٣

[36] سورة الأعراف: ١٥٨

[37] أخرجه الحاكم في المستدر (1/307 رقم: 291) ومالك في الموطإ (2/ 686 رقم: 5/371 رقم: 1395) بلاغا، ووصله ابن عبد البر في «التميهد» 24/ 331 بإسناد عن أبي هريرة مرفوعًا، وأيضا عن عمرو بن عون، وقال: وهذا أيضا محفوظ معروف مشهور عن النبي – صلى الله عليه وسلم – عن أهل العلم شهرة يكاد يستغنى بها عن الإسناد، وروي في ذلك من أخبار الآحاد. وحسنه الألباني في «المشكاه» (186).

[38] سورة الكهف: 50

[39] ” مجلة الراصد ” العدد ( 31 ) بتصرف ، واختصار .

[40] Flowers, Stephen (1997). Lords of the Left-hand PathRuna-Raven PressISBN 1-885972-08-3.

[41]  Royal Navy to allow devil worship CNN

[42] أمين فرحان جيجو، (2010) القومية الايزيدية ص 35.

[43] اليزيدية عقائد منحرفة وأفكار ضالة. طريق الإسلام (14‏/6‏/2013).

[44] مجلة الأندلس: مجلة إسبانية عربية شهرية مصورة تصدر من مدريد؛ الديانة اليزيدية واليزيديون هل هم عبدة الشيطان أم حملة ميراث النهرين؟!

[45] الدرر السنية، موسوعة الفرق. / الباب الثالث عشر: الباطنية وفرقها/ الفصل الحادي عشر: طائفة اليزيدية

[46] زهير كاظم عبود (2005). الايزيدية حقائق وخفايا واساطير. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. صفحة 1. اطلع عليه بتاريخ 24\8\2014.

[47] زهير كاظم عبود (2005). الايزيدية حقائق وخفايا واساطير. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. صفحة 3.

[48] عدي بن مسافر مجدد الديانة الايزيدية-زهير كاظم

[49] ابن خلكان ، وفيات الأعيان ج3ص254 تحقيق د. إحسان عباس ، دار صادر بيروت

[50] المزيد عن طاووس ملك موقع الحقيقة الايزيدية “بالإنكليزي”.

[51] اليزدية موسوعة بريتانيكا آخر تعديل 7-29-2014 “بالإنكليزي”.، المعتقدات الدينية الايزيدية: التاريخ، وحقائق، وتقاليد اضطهاد الأقليات العراقية. huffingtonpost.comمن هم الإيزيديون، دين أقلية عراقي قديم يكافح من أجل البقاء. Nationalgeographic.com.

[52] اليزيدية–صديق الدملوجي/ص 245: يطلقون على أنفسهم اسم “الايزيدية” في حين أن جيرانهم يسمونهم “عبدة الشيطان

[53] Yezidi Religious Tradition “The Three Day Fast of December”

[54] مجلة روز العدد التاسع\الديانة الايزيدية من تقديس عناصر الطبيعة إلى الوحدانية، التناص بين الديانة الايزيدية والزرادشتية\ زهير كاظم عبود- جريدة بانورما العدد السنوي الممتاز 2013

[55] خضر دوملي. اقدم معبد في كردستان العراق – لالش.. عالم من السكينة والروحية (محفوظ). جريدة الشبكة العراقية.

[56] سورة الكهف: 51

[57] سورة الحجر: ٤٢

[58] سورة القصص: ٥٠

[59] أخرجه البخاري (7/104 رقم: 5578) ومسلم (1/76 رقم: 57)

[60] سورة آل عمران: ١٣٥

[61] سورة الأعراف: ٢٠١

[62] أخرجه الترمذي (9/39 رقم: 2423) وابن ماجه (12/302 رقم: 4241) وأحمد (26/123 رقم: 12576) والحاكم (17/479 رقم: 7725) وصححه.

[63] سورة الأعراف: ٢٨

[64] سورة الأعراف: ٣٠

[65] سورة الأعراف: ٢٧

[66] سورة النحل: ١٠٠

[67] سورة المجادلة: ١٩

[68] سورة يس: ٦٠ – ٦١

[69] المصباح المنير (5/14)

[70] جامع البيان (1/296)

[71] مفردات في غريب القرآن للأصفهاني (1/261)

[72] سورة الأنعام: ١١٢

[73] سورة الناس: ٤ – ٦

[74] سورة البقرة: ١٤

[75] تفسير القرآن العظيم (1/182)

[76] سورة المنافقون: ٤

[77] سورة البقرة: ٢٠٤

[78] أخرجه البخاري (9/51 رقم: 7984) ومسلم (3/1475 رقم: 1847)

[79] سورة الأنعام: ١٢١

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

معلومات

This entry was posted on 30 جويلية 2015 by in مقالات.

الابحار

%d مدونون معجبون بهذه: