موضوع الدين قد يكون واضحا في أصله التصوري الإجمالي، إلا أن الغوص في تفاصيله والتدقيق في أسسه وهيكلته النظرية والتوغلَ في لوازمه المنطقية يشكِّل قضايا ذات أبعاد مُعقَّدة تستوجب بذل جهد فكري يجعل من فهمنا للدين بالمتانة التي يتطلبها مستوى الثقافة الفكرية المعاصرة وهي في التساؤل المستمر استجابةً لتفاعله مع مستجدات أمور الحياة ومتجددات قضاياها.
طرحت في الساحة الفكرية قضايا محورية حول موقع الدين من الحياة العامة وما يتبع ذلك من المستلزمات. وإن زوايا النظر المختلفة ومشاربه المتنوعة تجعل من هذا الموضوع حراكا قويا قد تصل به الحال من الحوار الفكري إلى الصراع العقدي. ولا تهدف هذه السطور البسيطة أن تزيد من صخب ذلك الميدان، بل تهدف هذه العجالةُ الفكرية الهادئة إلى ما يطمئن إليه القلب وتستريح به النفس ويستقر عليه الفكر بإرجاع الشوارد إلى مواردها وتعريف الغرائب بمصادرها. فكان القرآن الكريم هو شافي الغوائل وكافي المسائل وجابي الفواصل.
وقبل الخوض في غمار موضوع الدين يحسن بنا الوقوف على استخداماته اللغوية، فقد ورد لفظ الدين على معانٍ متعددة، كما يلي:[1]
وهذا المعنى الأخير هو الذي اعتبره ابن فارس[2] أصل كل معاني الدين، قال: “(دين) الدال والياء والنون أصلٌ واحد إليه يرجع فروعُه كلُّها. وهو جنسٌ من الانقياد والذُّل. فالدِّين: الطاعة، يقال دان له يَدِين دِيناً، إذا أصْحَبَ وانقاد وطَاعَ. وقومٌ دِينٌ، أي مُطِيعون منقادون.”[3]
أما في القرآن فقد ورد لفظ الدين في 48 موضعا، وتتوزع استخدامات القرآن للفظ الدين على ثلاثة معانٍ:
أولا: معنى الجزاء والحساب: قال تعالى: ﭽ مَلِك يَوْمِ الدِّينِﭼ[4] وقال تعالى: ﭽ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينﭼ[5] وقال تعالى: ﭽ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ . ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ . يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِﭼ[6]
ثانيا: الطاعة والانقياد، قال تعالى: ﭽفَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَﭼ[7] وقال تعالى: ﭽوَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِﭼ[8]
ثالثا: ما أنزل الله من العقائد والشرائع، قال تعالى: ﭽ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون ﭼ[9] وقال تعالى: ﭽلَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّﭼ[10] وقال تعالى: ﭽ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَﭼ[11]
فعلى هذه المحاور الثلاثة كان حديث القرآن عن الدين، وإن كان المعنى الثالث صار هو الغالب في استخدامات الناس وكلام المتخصصين.
يدور حول هذا المعنى في القرآن لفظ آخر وهو لفظ “الملة”، فالملة تعني ما يعنيه الدين من حيث كونها تعليما إلهيا ومنظومة عقدية ونظاما تشريعيا. وقد لحظ الشريف الجرجاني[12] ما بين اللفظين من الفروق مع اتحادهما في الماهية، لكنهما تفترقان من حيث الاعتبار.
قال رحمه الله: “الدين والملة: متحدان بالذات، ومختلفان بالاعتبار، فإن الشريعة من حيث إنها تطاع، تسمى: ديناً، ومن حيث إنها تجمع، تسمى: ملة، ومن حيث أنها يرجع إليها، تسمى: مذهباً، وقيل: الدين منسوب إلى الله تعالى، والملة منسوبة إلى الرسول، والمذهب منسوب إلى المجتهد.”[13]
وقد أردف الجرجاني في تفريقه السابق بين الدين والملة لفظ “المذهب” مع أنه لا يلتحق أن يكون واحدا منهما في الماهية إلا باعتباره جهدا بشريا في فهم الدين وطريقة التدين. ومن هنا نلمس ما يدخل في فهم الناس أنه من الدين، وهو تدخُّل بشريٌّ تستسيغه ضرورة واقعية. إذ لا يمكن أن ينفِّذ الإنسان هذا الدين المنزل من عند الله إلا من خلال فهمه البشري، وهو نتيجة نسبية في الأساس، وإن كان مستمَدّه وأصله مطلق ثابت. وما يستمد من الحق المطلق فله جزء من هذه الصفة وإن لم تكتسب قداسة مطلقة، بل قد يؤدي تقديسه إلى نقيض توحيد الدين أصلا.
فلذلك يذكر ابن تيمية[14] أن الشريعة مستعملة في كلام الناس على ثلاثة أنحاء: الأول: شرع منزَّل، وهو ما شرعه الله ورسوله. الثاني: شرع مؤوَّل، وهو ما ساغ فيه الاجتهاد وتنازع فيه الفقهاء، فاتباع المجتهدين فيه جائز، لمن اعتقد حجة متبوعِه هي القوية أو لمن ساغ له تقليده. والثالث: شرع مبدَّل، وهو ما كان من الكذب والفجور الذي يفعله المبطلون بظاهر الشرع، مثل الأحاديث الموضوعة والتأويلات الفاسدة والفتيا الباطلة والتقليد المحرم فهذا يحرم اتباعه.[15]
فهنا ثلاثة أنواع مما يقال أنه دين أو شرع. النوع الأول: هو حق مطلق وصواب خالص ويقين ثابت، وهو ما أنزل من الآيات البينات والسنن الواضحات. وهذا النوع يمثله كتاب الله العزيز وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: ﭽذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَﭼ[16] وقال تعالى: ﭽوَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍﭼ[17] وقال تعالى عن رسوله الكريم: ﭽ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىﭼ[18] وقال أيضا: ﭽوَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِﭼ[19] فما دل عليه القرآن وما ثبتت به السنة فهو الشرع المنزل والدين الحق. والمخالف لهذا الأمر محكوم بالكفر بالدين والخارج من الملة. قال تعالى: ﭽ تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَﭼ[20] وقد نفى الله الإيمان عمن رفض حكم الرسول صلى الله عليه وسلم: ﭽفَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًاﭼ[21]
ثم النوع الثاني: اجتهادات الفقهاء وآراء العلماء المشهود لهم بالعلم بالشرع المستقيمين عليه. فهذا قسم ينبغي العمل به، مع أنه فكر إنساني وجهد بشري لكنه يعتمد على الأدلة الشرعية حيث يغلب على الظن أن الشرع يقتضيه. وهذا القسم كما أن العمل به جائز فإن الخلاف فيه أيضا سائغ. فقد ذكر الله مثل هذا الخلاف في كتابه فقال عما جرى بين داود وسليمان عليهما السلام في قضائهما: ﭽوَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ . فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًاﭼ[22]
أخرج البيهقي[23] والحاكم[24] عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فِى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِى الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) قَالَ: كَرْمٌ وَقَدْ أَنْبَتَتْ عَنَاقِيدُهُ فَأَفْسَدَتْهُ. قَالَ: فَقَضَى دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِالْغَنَمِ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ: غَيْرَ هَذَا يَا نَبِىَّ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: تَدْفَعُ الْكَرْمَ إِلَى صَاحِبِ الْغَنَمِ، فَيَقُومُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعُودَ كَمَا كَانَ، وَتَدْفَعُ الْغَنَمَ إِلَى صَاحِبِ الْكَرْمِ، فَيُصِيبُ مِنْهَا حَتَّى إِذَا كَانَ الْكَرْمُ كَمَا كَانَ دَفَعْتَ الْكَرْمَ إِلَى صَاحِبِهِ وَدَفَعْتَ الْغَنَمَ إِلَى صَاحِبِهَا.[25] وقال البخاري[26] معلقا هذه القضية: “فحمد سليمانَ ولم يَلُم داود، ولولا ما ذكر الله من أمر هذين، لرأيت أن القضاة هلكوا، فإنه أثنى على هذا بعلمه، وعذر هذا باجتهاده.”[27]
هنا يعلمنا القرآن بأن الخلاف المبني على اجتهاد فقهي وقصد به إحقاق الحق وإبطال الباطل يمكن تعدد الرأي فيه. فلو نفذ حكم داود عليه لما كان حكما باطلا لأنه عاقب المسيئ وواسى المظلوم، لكن حكم سليمان أفضل لأن كلا طرفي النزاع يستفيد.
لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ.[28] وبطبيعة الحال لا يكون هذا الأجر لمن حكم بالظن المجرد وبدون الاجتهاد، إذ الاجتهاد معناه أن يكون الحاكم أو العالم قد بذل وسعه واستفرغ جهده ليصل إلى حكم عادل محقق لمقصود الشرع.
أما من جلس على أريكته أو استلقى على قفاه ثم يصدر حكما من رأيه العاري وفكره البالي، فهذا مذموم لا يدخل في هذا الحديث، لأن الحديث مخصوص لمن حكم فاجتهد، أما من حكم وفرّط فهو يستحق الوعيد الذي ذكره حديث: “الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ. فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ: فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ. وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ.”[29]
وقد كثر في هذا الزمن أناس لا علم لهم بالشرع يتكلمون في الدين فيَضِلون ويُضلّون. ففي الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا.[30]
ومن هنا ظهر النوع الثالث مما يقال أو يظن أنه دين أو شرع، وهو شرع مبدَّل ودين مزيَّف، ليس من أمر الله في شيء. وقد أنكر الله أناسا من أهل الكتاب والمشركين الذين يحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله برأيهم، ويشرعون أمورا وفق هواهم. قال تعالى: ﭽوَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَﭼ[31] وقال تعالى: ﭽأَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌﭼ[32]
واتباع هؤلاء على جهة التدين نوع من الشرك. والطاعة المطلقة لا تجوز إلا لله وحده. يدل على هذا المعنى ما أخرجه الترمذي[33] عن عدي بن حاتم[34] قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب،
فقال: يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك.
فطرحته، فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)[35] حتى فرغ منها، فقلت: إنا لسنا نعبدهم.
فقال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتستحلونه؟
قلت: بلى.
قال: فتلك عبادتهم.[36]
فهذه هي حقيقة العبودية، وإن كان الناس لا يعرفون ذلك أو لا يعترفون، كما أن عديّا رضي الله عنه استنكر أول وهلة. فالاجتهاد وتحري الصواب مطلوب وفرض في أمر الدين، حتى عوام الناس الذين لا يعرفون الأدلة الشرعية فعليهم أن يجتهدوا أيضا في اختيار العالم الذي يعتمد على فتياه فيتحرى صاحب علم وورع وتقوى ظاهر الاستقامة، ويتجنب متبع الهوى ومتصنع بزخرفة القول متستر بمظاهر الدين وهو فارغ من العلم بعيد عن مخافة الله.
فبذلك يتبين لنا أن ما ينسب إلى الدين على مراتب ثلاث في انتمائه إلى الحق المطلق، أولاها: ما يصدر عن صريح الوحي المنزل وهو ما تضمنه الكتاب العزيز من النور المبين وما صح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث. فهذا هو الحق الذي لا يجوز الشك فيه.
والمرتبة الثانية: ما صدر عن رأي المجتهد بناء على فهمه لنصوص الشرع وتحريا لمقاصدها. فهذا له نصيب معيّن من نور الوحي، وفيه قدر كبير من النسبية، لا يجوز التعصب له ولا التنازع عليه.
والمرتبة الثالثة: ما اتبع فيه هوى ولم يرجع إلى أدلة الشرع، وقد يصدر هذا عن رجل له زعامة دينية وهو خالٍ عن مؤهلاتها، له كلام مسموع ومكان مرموق اغتر به العوام، ولا ينطلي على أصحاب العلم. فهذا باطل لا تصح نسبته إلى الدين.
وهناك حيثيات أخرى تجعل الفكر الديني يتحرك بين المطلق والنسبي ويجمع بين الثابت والمتغير.
أولى هذه الحيثيات هي ثبوت الدليل، وصحة نسبته إلى الحق سبحانه وتعالى. وقد أجمعت الأمة على أن كل ما بين دفتي المصحف هو كلام الله الحق لا يجوز الشك فيه، ومن يتردد فيه فقد خرج عن جملة المؤمنين، مبعدا عن زمرة أتباع المرسلين. وأدلة ثبوت الآيات القرآنية كثيرة وفيرة لا يسع المكان لذكرها، وقد تكفّل هذا عدد غير محصور من الدراسات والكتابات في تقرير هذا الأمر.
وأما السنة ففي معرفة ثبوتها منهجية معروفة، وهي بدراسة الإسناد ونقد المتن، ويتكفّله علم الحديث رواية ودراية. وهذه منهجية نابعة من القرآن الكريم حيث قال الله عز وجل: ﭽيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَﭼ[37]
لقد ابتكر المسلمون علما متميزا لم يهتد إليه أمم قبلهم ولا يقدر على مجاراته من بعدهم. إن علم رواية الأحاديث بأسانيدها ومعرفة رواتها ليُعدّ معجزة من المعجزات التي تساند بقاء هذا الدين غضا طريا، وحيا متجددا. فهو علم يحفظ أخبار النبي صلى الله عليه وسلم لمدة أكثر من 14 قرنا. لم تعمل أمة من الأمم شيئا من ذلك لأنبيائهم ولا لزعمائهم. لكن حقد أعداء هذا الدين دفع بعضهم إلى محاربة هذا العلم قديما وحديثا. وقد تأثر بهؤلاء عدد من المسلمين ممن شك في صحة هذا المنهج وطعنوا في رواة الحديث بدءا من الصحابة وانتهاء بعلماء الحديث، وقد تتابعت جهود العلماء في رد كل ذلك بحمد الله.
ولكن بقي الكلام في تقرير بعض الفقهاء لمسألة إفادة خبر الآحاد للعلم، فإن في هذا الباب غبشا كثيرا بسبب الخلط الذي يؤدي بهم إلى اعتبار أخبار الآحاد كلها صحيحها وضعيفها في خانة الظن غير المفيد للعلم، فهذا تساهل كبير وتفريط غير مقبول، وهو في الحقيقة كسل فكري قبل أن يكون تقصيرا علميا لا يحسن أ ن يقع فيه طالب العلم فضلا عن عالم، إذ إن بذل الجهد في تتبع أحوال الرواة وتسلسل الأسانيد هو الذي يفيد اعتقادا في صحة أو ضعف الأخبار، وهذا إنما يحصل عند من مارس علم الرواية ودرسه عن كثب، فأما من نظر إليها عن بُعد وقرأ عنها باختصار، فلا عجب ألا يحصل له هذا الإدراك، كما أن صحة نظرية في الفيزياء لا يعرفها إلا المتخصصون فيها والدارسون لها، وكذلك سائر العلوم والمدركات. نعم، لا يكفي النظر في السند للحكم على الحديث، بل لا بد من نقد المتن أيضا، وهو لغرض الكشف عن الشذوذ أو العلة المحتملة في الحديث، وهذا له ضابطه العلمي المعروف.
ويكفينا في هذا الباب ما علَّمنا القرآن في الآية السالفة الذكر أنه إذا حصل لأحد ما يستوجب الشك في صدق الخبر فليقم بالتثبت والتبيّن، حتى يحصل له التمييز بين ما يصح وما لا يصح، فأما أن يجلس أحد ويحلّل الخبر بدون بذل جهد علمي ولا تحرك للتثبت، فلا يلوم إلا نفسه إذا بقي هذا الشك في نفسه، وسيبقى هذا الشك والظن المحير ما دام على هذا الموقف.[38] “ومن يعلم حجةٌ على من لا يعلم.”
وأيضا فإن الظن مراتب؛ فهناك ظن راجح ناشئ عن أدلة قوية سمعية كانت أو عقلية أو حسية، وهناك ظن متأرجح لا يفيد اعتقادا ولا ينفيه، وهناك ظن وهمي ناشئ عن خطأ اعتقاد أو نقص إدراك. فمن الخطإ المنهجي أن يتعامل الإنسان مع كل الظنيات بموقف واحد. والأخبار إذا كانت ناشئة عن الحقيقة الواقعية لا تبقى ألفاظا مجردة، فالبحث العلمي الجاد سيوصل بالناظر إلى حقائق أخرى تساندها من قرائن الأحوال وغيرها من الدلائل المختلفة.
ثم حيثية أخرى في اعتبار النسبية في دلالة النص على معناه، فإن من النصوص قرآنية كانت أو حديثية ما يدل على معناه بشكل قطعي، ومنها ما يدل عليه بشكل محتمل لأكثر من معنى، إلا أن الواقع أن الألفاظ المجملة في غالبها مبينة موضحة بنصوص أخرى في مواضع مختلفة. وقد أحسن وأبدع الإمام الشافعي[39] في إبراز هذا الأمر في رسالته المعروفة. ولو سلك الأصوليون بعده ما سلكه الشافعي رحمه الله في ربط الأصول دائما ببيان القرآن والسنة ولم يغرقوا أنفسهم في جدل صوري لما كثر الخلاف بالشكل الذي رأيناه في كتب الأصول.
كما أن أكثر كتب الأصول قد أهملت من درر الفوائد القرآنية الشيء الكثير؛ منها علم سياق القرآن وسباقه. فقد اشتمل علم أصول الفقه على مسائل كثيرة متعلقة بالقرآن كالعام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمجاز والحقيقة إلا أن الاستفادة من دلالة السياق القرآني ضيئل جدا، فضلا عن التعامل مع آيات القرآن كوحدات موضوعية متناسقة. فهذا القصور يجعل من الفقه الإسلامي التقليدي يفقد حيويته ورونقه. وتفصيل هذا الموضوع في غير هذا المكان.
وبقي عدد قليل من الدلالة الظنية يشكل فروعا نسبية تسع الخلاف الفقهي الذي لا يضر البناء التشريعي العام. مثل لفظ القُرْء الذي يحتمل معنى الحيض والطهر على حد سواء، فإن خلاف الفقهاء في عدة المطلقة ينحصر في قولين إما ثلاث حِيَض أو ثلاثة أطهار، فالخلاف لا يشمل ما هو أقل من فترة الحيضتين أو الطهرين، ولا يصل الخلاف إلى اعتبار أربع حيضات أو أربعة أطهار. وليس هناك من يقول بعدم العدة أصلا. وقس على ذلك سائر الخلافيات.
والقرآن يعلِّمنا منهج التعامل مع الظنيات المتشابهة في ظل القطعيات المحكمات. فقال تعالى: ﭽهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِﭼ[40] فهذه الآية تشير بوضوح إلى أن محكمات القرآن هي أم الكتاب وهي المرجع الذي يرجع إليه في حالة الاشتباه، والحَكَم الذي يحتكم إليه عند الالتباس. فالذي يريد وضوحا واستقرارا كان الطريق له سالكا، لكن الذي يأبى إلا أن يثير الفتنة والبلبلة فمتشابه القرآن دائما ملجأه وشغله الشاغل.
ففي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ[41] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }، قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ.[42]
وبالنظر إلى مسائل الدين عامة يخلُص العلماء إلى أن للدين قضايا تكون أصولا قطعية ثابتة، تمثل ركائز هذا الدين ومعالمه الراسخة، ومن مسائلها ما تكون فرعية وغالبا ما تكون ظنية الدلالة، وخاضعة للتغيرات وقابلة للاختلاف.
واعتبر بعض العلماء أن مسائل العقائد كلها أصول والمسائل الفقهية كلها فروع، لكن هذا التقسيم ليس دقيقا، فإن من مسائل العقائد ما تكون فرعية لا يضر الخلاف فيها أصلَ الدين، مثل مسألة أسماء الملائكة وعدد الأنبياء والرسل وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه في حادثة المعراج. فمثل هذه المسائل لا تنهض أن تكون أصولا للدين. ومن المسائل الفقهية ما تمثل ركائز مهمة للدين وأصولا ثابتة له مثل وجوب الصلاة والزكاة ووجوب إقامة العدل وحرمة الغش والغرر في البيوع، فهذه مسائل أساسية ثابتة تمثل أصولا لاستقامة الدين وصلاح الحياة.
وحتى في أبواب الفقه التي يكثر فيها خلاف الفقهاء، لا بد أن نؤكد أن الأمور التي اتفقوا عليها هي ركائز أساسية في كل باب. نأخذ مثلا باب الصلاة، نعرف خلاف الفقهاء في وجوب الجهر بالبسملة وقراءة الفاتحة في كل ركعة وهل تسقط عن المأموم بقراءة الإمام أم لا؟ إلى آخر مسائل الخلاف فيها، لكننا نعلم أن العلماء اتفقوا على وجوب إقامة الصلاة وأنها تشتمل على القيام والركوع والسجود وقراءة القرآن والأذكار والأدعية المأثورة، فصلاة المسلمين لا تختلف في أساساتها، وكلهم متوجهون إلى قبلة واحدة ويعبدون ربا واحدا، ثم لا يضر بعد ذلك بعض الاختلافات في التفاصيل التي لا تؤثر في وحدة المسلمين ولا تضر في علاقتهم مع الله.
وقد أكد الرسول هذا المعنى فقال: مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ.[43]
وهناك فكرة تهدف إلى هدم بنيان الدين معتمدة على حقيقة أن المسائل الخلافية أكثر عددا من المسائل المجمع عليها، فيقول هؤلاء إن ما هو قطعي ثابت في الشريعة لا يتجاوز نسبة 5% وباقي أجزاء الشريعة نسبية ظنية مختلف فيها، فالشريعة الإسلامية لا تصلح أن تكون منظِّمة للحياة المعاصرة المعقدة لأن معظمها ظنية. فهذا كلام متشابه يلبس فيه الحق بالباطل ويخلط فيه الصحيح بالخطإ.
إن كثرة المسائل الخلافية في كتب الفقه لا تدل على أن معظم الشريعة ظنية غير يقينية، لأن المسائل الأساسية المهمة لا خلاف فيها، فلا خلاف بين العلماء أن إقامة العدل واجبة وإقامة البينة شرط لقبول دعوى قضائية، وكلهم متفقون على أن الربا محرمة والزنا محرمة… إلى آخر المسائل الإجماعية الكثيرة، وهي تمثل الأصول التي تنبني عليها الشريعة. ولا ضرر أن تكون هذه المسائل الأساسية معدودة محصورة، بل الأصلح والأحكم أن تكون الأصول الأساسية محدودة العدد ممدودة المدد. فكل نظام لا يصلح أن ينظم الحياة إلا إذا اشتمل على أسس ثابتة معدودة وتفرعت عليها فروع فيها مرونة تتماشى مع التغيرات الحاصلة في حياة الناس وتتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
وهذا الوضع هو الأنسب والأحكم لتنظيم حياة البشر. فلو كان الدين كله ثابتا لضاق على الناس ولتعذر العمل به في كل الأحوال ومع كل الأشخاص. ولو كانت الشريعة كلها ظنية لسادت الفوضى وتميّعت الحياة وضاع النظام. فكان من حكمة الشريعة أن تشتمل على أصول راسخة ثابتة انبنت عليها الفروع الكثيرة المرنة التي تقبل التغير والاختلاف.
وجاءت الشريعة بالأمور التفصيلية في الأبواب التي تحتاج إلى تفصيل، وجاءت بالأمور المجملة في الميادين التي من طبيعتها التغير واختلاف الأحوال. ففي العبادات جاءت تفاصيل أحكامها، لأنه لو ترك لكل إنسان أن يخترع لنفسه عبادة خاصة لابتدع الناس أشياء ما أنزل الله بها من سلطان، ولأن العبادة تتعلق بأمور غيبية لا تعرف الناس ماهيتها فلا يمكن أن يتوصل الناس إلى الشكل الأنسب لهم في مصلحتهم الغيبية.
وكذلك باب المواريث لو ترك الناس يتصرفون كما يحلو لهم، لغلب الأقوياء على الضعفاء ولضاعت حقوق النساء مع غلبة الرجال، ولكن الله فرض للضعفاء المستحقين فروضا محددة؛ وخاصة حصص النساء، فإن أكثر ذوي الفروض منهن، وأعطى الباقي للعصبة أصحاب النفوذ. وراعى الشارع فيها الحقوق في موازنة الواجبات، فأعطى للأبناء الذكور مثلي ما أعطى للأناث مراعاة لكثرة الواجبات المالية على الرجال دون النساء. وحجب الإخوة بالأبوين، لأن حاجة الأبوين إلى الدعم أكثر من حاجة الإخوة، بالإضافة إلى أن الأب عليه واجب الإنفاق على إخوة الميت الذين هم أبناء للأب، إذا كانوا محتاجين، وشفقة الأم كافية لضمان مصلحة الإخوة.
وأما في مسائل الحياة العامة كالبيع والشراء فيكتفى الشرع ببيان صور الظلم المحرمة وبيان البيوع الفاسدة، أما العقود المشروعة فلم يحددها الشرع، لأن الإباحة هي الأصل في المعاملات. ومثله في الحياة السياسية العامة اكتفى الشارع بإعطاء الإرشادات العامة والمبادئ الأساسية، مثل مبادئ الشورى وواجب النصح للمسلمين وحرمة الخيانة إلى آخره… ثم ترك التفاصيل لاجتهاد الناس لأن تفاصيل الأمور فيها دائمة التغير، ولكي يتسع المجال للابتكار والتطوير.
وهكذا فإن الشريعة رُتّبت على ما هو أصلح للبشر وأنفع للخلق. قال ابن القيم: “فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلها ، ورحمة كلها ، ومصالح كلها ، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل.”[44]
[1] انظر مختار الصحاح: 1/106، ولسان العرب: 13/164
[2] الامام العلامة، اللغوي المحدث، أبو الحسين، أحمد بن فارس ابن زكريا بن محمد بن حبيب القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، اللغوي، وكان رأسا في الادب، بصيرا بفقه مالك، مناظرا متكلما على طريقة أهل الحق، ومذهبه في النحو على طريقة الكوفيين، جمع إتقان العلم إلى ظرف أهل الكتابة والشعر. وكان أبو الحسين من الأجواد حتى إنه يهب ثيابه وفرش بيته، وكان من رؤوس أهل السنة المجردين على مذهب أهل الحديث. ومات بالري في صفر سنة 385هـ ( سير أعلام النبلاء 17/103-105)
[3] مقاييس اللغة: 2/262
[4] الفاتحة: ٤
[5] الشعراء: ٨٢
[6] الانفطار: ١٧ – ١٩
[7] غافر: ١٤
[8] البينة: ٥
[9] البقرة: ١٣٢
[10] البقرة: ٢٥٦
[11] التوبة: ٣٣
[12] علي بن محمد بن علي (740 – 816 ه / 1340 – 1413 م)، المعروف بالشريف الجرجاني: فيلسوف، من كبار العلماء بالعربية (الأعلام 5/7)
[13] التعريفات، للشريف الجرجاني: 35
[14] هو شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني الحنبلي محدث، حافظ، مفسر، فقيه، مجتهد، مشارك في أنواع من العلوم. ولد بحران يوم الإثنين عاشر ربيع الأول سنة 661هـ، وبرع في التفسير، والحديث، والاختلاف، والأصلين، وكان يتوقد ذكاءً، ومصنفاته أكثر من مائتي مجلد. وكان رأساً في الكرم والشجاعة، قانعاً باليسير، شيعه نحو من خمسين ألفاً، وحمل على الرؤوس رحمه الله. وكانت وفاته في ليلة الإثنين عشرى ذي القعدة سنة 728هـ (انظر: شذرات الذهب 3/80-85، العبر في خبر من غبر 1/290، معجم المؤلفين 1/261)
[15] مجموع فتاوى ابن تيمية 19/308
[16] البقرة: ٢
[17] فصلت: ٤١ – ٤٢
[18] النجم: ٣ – ٤
[19] الحشر: ٧
[20] الجاثية: ٦
[21] النساء: ٦٥
[22] الأنبياء: ٧٨ – ٧٩
[23] هو الحافظ العلامة، الثبت، الفقيه، شيخ الاسلام، أبو بكر، أحمد ابن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي، الخراساني. وبيهق: عدة قرى من أعمال نيسابور على يومين منها. ولد في سنة أربع وثمانين وثلاث مئة في شعبان. وبورك له في علمه، وصنف التصانيف النافعة، قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل في ” تاريخه “: كان البيهقي على سيرة العلماء، قانعا باليسير، متجملا في زهده وورعه. توفي في عاشر شهر جمادى الاولى، سنة 458هـ. وعاش أربعا وسبعين سنة. (سير أعلام النبلاء: 18/163-169)
[24] الحافظ الكبير إمام المحدثين أبو عبد الله محمد بن عبد الله محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري يعرف بابن البيع صاحب المستدرك والتاريخ وعلوم الحديث والمدخل والإكليل ومناقب الشافعي وغير ذلك ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في ربيع الأول. وكان إمام عصره في الحديث العارف به حق معرفته صالحا ثقة. وقال ابن طاهر قلت لسعد بن علي الزنجاني الحافظ: أربعة من الحفاظ تعاصروا أيهم أحفظ؟ قال: من؟ قلت: الدارقطني ببغداد وعبد الغني بمصر وابن منده بأصبهان والحاكم بنيسابور. فسكت فألححت عليه فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل وعبد الغني أعلمهم بالأنساب وأما ابن منده فأكثرهم حديثا مع معرفة تامة وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا. توفي في صفر سنة خمس وأربعمائة (طبقات الحفاظ 1/411)
[25] السنن الكبرى: 10/427 باب اجتهاد الحاكم فيما يسوغ فيه الاجتهاد وهو من أهل الاجتهاد. والمستدرك: 9/409 رقم: 4103.
[26] أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي مولاهم، الحافظ العلم صاحب الصحيح، وإمام هذا الشأن، والمعول على صحيحه في أقطار البلدان، وللبخاري من المؤلفات الجامع الصحيح، التاريخ الكبير، الأدب المفرد، القراءة خلف الإمام، ولد يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة، ومات ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين (طبقات الحفاظ 1/252)
[27] صحيح البخاري: 22/82 باب متى يستوجب الرجل القضاء.
[28] أخرجه أبو داود: 9/464 رقم: 3103، والترمذي: 5/160 رقم: 1248، والنسائي: 16/212 رقم: 5286، وابن ماجه: 7/103 رقم: 2305، وأحمد: 36/175 رقم: 17106، وابن حبان: 21/156-158 رقم: 5151-5152.
[29] أخرجه أبو داود: 9/463 رقم: 3102، الترمذي: 5/155 رقم: 1244، ابن ماجه: 7/104 رقم: 2306.
[30] أخرجه البخاري: 1/176 رقم: 98، ومسلم: 13/160 رقم: 4828.
[31] النحل: ١١٦
[32] الشورى: ٢١
[33] أبو عيسى الترمذي محمد بن عيسى بن سورة بن الضحاك السلمي، صاحب الجامع والعلل، الضرير الحافظ العلامة، طاف البلاد وسمع خلقا كثيرا من الخراسانيين والعراقيين والحجازيين وغيرهم، روى عن محمد بن المنذر شكر والهيثم بن كليب وأبو العباس المحبوبي وخلق ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر وقال أبو سعد الإدريسي كان أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث صنف كتاب الجامع والعلل والتواريخ تصنيف رجل عالم متقن كان يضرب به المثل في الحفظ مات بترمذ في رجب سنة تسع وسبعين ومائتين (طبقات الحفاظ 1/282)
[34] عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي الطائي ولد الجواد المشهور أبو طريف. أسلم في سنة تسع وقيل سنة عشر وكان نصرانيا قبل ذلك وثبت على إسلامه في الردة وأحضر صدقة قومه إلى أبي بكر وشهد فتح العراق ثم سكن الكوفة وشهد صفين مع علي ومات بعد الستين وقد أسن. قال محل بن خليفة عن عدي بن حاتم ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء. وكان جوادا. وجزم خليفة بأنه مات سنة ثمان وستين وفي التاريخ المظفري أنه مات في زمن المختار وهو بن مائة وعشرين (الإصابة 4/469-471)
[35] سورة التوبة: من الآية31
[36] أخرجه الترمذي (5/278 رقم 3095) والطبراني في الكبير (17/92 رقم 218) واللفظ له.
[37] الحجرات: ٦
[38] والغريب أن إشكالية خبر الآحاد لا تأتي إلا في موضوع الأحاديث النبوية المروية بالأسانيد، أما نقل الكلام عن الفلاسفة وكل الكتب المروية بغير سند فلا يرفضها أحد باعتبارها أخبار آحاد مع أنها أسوء حالا بكثير!! إن وراء المسألة قضية أكبر من إشكالية علمية عادية.
[39] الإمام الكبير الجليل أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي وكان مولده بغزة، وقال إسحق بن راهويه: لقيني أحمد بن حنبل بمكة، فقال: تعالى حتى رأيت رجلا لم تر عيناك مثله، وقال الإمام أحمد: إن الله تعالى يقيض للناس في كل رأس مائة سنة من يعلمهم السنن وينفى عن رسول الله الكذب، فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشافعي، قال الأسنوي: الشافعي أول من صنف في أصول الفقه باجماع، وأول من قرر ناسخ الحديث من منسوخه، وأول من صنف في أبواب كثيرة من الفقه معروفة، اهـ. توفي سنة 204هـ وله أربع وخمسون سنة (شذرات الذهب 1/9-12)
[40] آل عمران: ٧
[41] عائشة أم المؤمنين بنت الامام الصديق الاكبر، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة القرشية التيمية، المكية، النبوية، أم المؤمنين، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، أفقه نساء الامة على الاطلاق. كانت أم المؤمنين من أكرم أهل زمانها ; ولها في السخاء أخبار، توفي سنة 57هـ (سير أعلام النبلاء 2/135-201، العبر في خبر من غبر 1/10)
[42] أخرجه البخاري: 14/14 رقم: 4183، ومسلم: 13/145 رقم: 4817، وأبو داود: 12/198 رقم:3982، والترمذي: 10/255 رقم: 2920، والدارقطني: 3/323 رقم: 1211.
[43] أخرجه البخاري: 2/150 رقم: 378
[44] إعلام الموقعين 3/149