آفاق المستقبل

تصحيح مفاهيم وتكوين رؤى

الرسول والتخطيط المستقبلي

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمارس حياته بحسن التدبير وبعد النظر وإحكام الخطة. لم يكن صلى الله عليه وسلم مرتجلا في خطواته. لقد كان عنده تصور واضح لمستقبله. لقد عرف أن مهمته إبلاغ الرسالة الخاتمة إلى الناس كافة، فكان يضع تدابير تحقق هذه المهمة مع ما يواجهه صلى الله عليه وسلم من معوقات وتحديات.

البحث عن قاعدة الدعوة

لما رأى صلى الله عليه وسلم أن الوضع في مكة لم يسعف في انتشار الدعوة، كان يفكر في قاعدة جديدة تنطلق منها حركته الدعوية، فقال لأصحابه: “لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه.”[1]

لم تكن هذه الخطوة مجرد الفرار من المشاكل بقدر ما تمثل خطوة استرتيجية لإنقاذ سلامة الدعوة. لذلك هاجر من المسلمين أصحاب الوجاهة والقوة والمنعة أمثال جعفر بن أبي طالب[2]، وعثمان بن عفان[3] وأبي سلمة المخزومي[4].

وقال سيد قطب رحمه الله: “ومن ثم كان يبحث الرسول صلى الله عليه وسلم عن قاعدة أخرى غير مكة، قاعدة تحمي هذه العقيدة وتكفل لها الحرية، ويتاح فيها أن تتخلص من هذا التجميد الذي انتهت إليه في مكة، حيث تظفر بحرية الدعوة وحماية المعتنقين لها من الاضطهاد والفتنة. وهذا في تقديري كان هو السبب الأول والأهم للهجرة. ولقد سبق الاتجاه إلى الحبشة حيث هاجر إليها كثير من المؤمنين الأوائل. والقول بأنهم هاجروا إليها لمجرد النجاة بأنفسهم لا يستند إلى قرائن قوية. فلو كان الأمر كذلك لهاجر إذن أقل الناس وجاهة وقوة ومنعة من المسلمين. غير أن الأمر كان على الضد من هذا. فالموالي المستضعفين الذين كان ينصب عليهم معظم الاضطهاد والتعذيب والفتنة لم يهاجروا. إنما هاجر رجال ذوو عصبيات، لهم من عصبيتهم في بيئة قبلية ما يعصمهم من الأذى، ويحميهم من الفتنة. وكان عدد القرشيين يؤلف غالبية المهاجرين.”[5]

قال منير الغضبان: “وهذه اللفتة العظيمة من سيد رحمه الله لها في السيرة ما يعضدها ويساندها. وأهم ما يؤكدها في رأيي هو الوضع العام الذي انتهى إليه أمر مهاجرة الحبشة. فلم نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث في طلب مهاجرة الحبشة حتى مضت هجرة يثرب وبدر وأحد والخندق والحديبية. لقد بقيت يثرب معرضة لاجتياح كاسح من قريش خمس سنوات. وكان آخر هذا الهجوم والاجتياح في الخندق. وحين اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إل أن المدينة قد أصبحت قاعدة أمينة للمسلمين، وانتهى خطر اجتياحهم من المشركين، عندئذ بعث في طلب المهاجرين من الحبشة، ولم يعد ثمة ضرورة لهذه القاعدة الاحتياطية التي كان من الممكن أن يلجأ إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لو سقطت يثرب في يد العدو.”[6]

لقد كان بإمكانه صلى الله عليه وسلم أن يدعو ربه بإهلاك هؤلاء الذين صدوا دعوته وعذبوا أصحابه، أو يسأله ربه أن ينجيه وقومه بخارقة كما حدث مع موسى عليه الصلاة والسلام، ولكن أرادت حكمة الله تعالى أن تكون حياة الرسول صلى الله عليه وسلم حياة طبيعية ونصره على أعدائه نصرا مؤسسا على جهد بشري مع الاعتماد على الله والالتجاء إليه. وهكذا شرعه صلى الله عليه وسلم وهكذا حياته، وهكذا دعوته صلى الله عليه وسلم. فإن مسيرة الأمة المحمدية ستكون طويلة تحتاج إلى زاد ثري من التجارب والقدوات حتى تتمكن من معلاجة كل الإشكاليات التي تعترضها في مسيرتها الحضارية المتطاولة.

لم يكتف رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك القاعدة النائية في الحبشة، التي تنعزل عن مراكز التأثير، وتبعد عن البيئة العربية التي أريد أن تكون منطلق دعوة القرآن العربي والنبي العربي صلى الله عليه وسلم. فكان صلى الله عليه وسلم يطوف بين القبائل يعرض دعوة الله عليها ويبحث عن قوم ذوي منعة وقوة يحمون الدعوة وينشرون الرسالة.

عن جابر رضي الله عنه قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة وفي المواسم بمنى، يقول: “من يؤويني، من ينصرني، حتى أبلغ رسالة ربي  وله الجنة؟”[7]

هكذا عشر سنوات يطلب من يؤويه وينصره حتى يتمكن من دعوة الناس. أي أنه بدأ هذا السعي للبحث عن مكان آخر للدعوة منذ بداية الدعوة، لما وجد أن قومه صدوه وبذلوا كل الإمكانات لإجهاض الدعوة.

وكان يستغل فرصة اجتماع القبائل في الموسم. ولم يمنعه إصرار قومه على منعه.

قال جابر يواصل حديثه: حتى أن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر- كذا قال – فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك! ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع.

حتى بعثنا الله إليه من يثرب. فآويناه وصدقناه. فيخرج الرجل منا فيؤمن به، ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله، فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين، يظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعا.

فقلنا: حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة، ويخاف؟

فرحل إليه منا سبعون رجلا. حتى قدموا عليه في الموسم. فواعدناه شعب العقبة. فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين، حتى توافينا.

فقلنا: يا رسول الله، نبايعك!

قال: “تبايعوني على الطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة.”

قال: فقمنا إليه فبايعناه. وأخذ بيده أسعد بن زرارة[8] بينها وهو من أصغرهم.

فقال: رويدا يا أهل يثرب! فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف! فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جبينة. فبينوا ذلك فهو عذر لكم عند الله!

قالوا: يا أسعد فوالله لا ندع هذه البيعة أبدا! ولا نسلبها أبدا!

قال: فقمنا إليه فبايعناه فأخذ علينا وشرط ويعطينا على ذلك الجنة.[9]

هكذا اجتمع سعي رسول الله صلى الله عليه وسلم الدؤوب ونفسه الطويل بحماسة شباب الأنصار وشجاعتهم.

لقد أنتج هذا النظر البعيد والنفس الطويل منه صلى الله عليه وسلم ثمارا طيبة، فرزقه الله أنصارا مخلصين وأتباعا صادقين لم يشهد التاريخ البشري على الإطلاق أنصارا لفكرة أحسن وأخلص من هؤلاء. نسأل الله تعالى أن يجمعنا بهم ويوفقنا لسلوك دربهم المبارك. آمين يا مجيب الدعوات ويا واسع الرحمات.

استطلاع الأخبار

وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يستطلع الأخبار لتكون خطواته مبنية على معلومات دقيقة. ومن أوضح الأمثلة على ذلك. ما قام به في غزوة الأحزاب. وكان في هذه الحرب أن الله قد أخبر مسبقا أنه سيفتح عليه الشام وفارس واليمن وبالتالي انتصاره على الأحزاب العربية أمر مؤكد بدون شك. إلا أنه مع ذلك يرسل من يستطلع أحوال أعدائه زيادة على معلومات مجملة عن الانتصار العام. لأن امتلاك المعلومات من أهم عوامل التفوق ومن أخطر أسباب الانتصار.

حكى حذيفة هذه الحادثة فقال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب. وأخذتنا ريح شديدة وقر.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا رجل يأتيني بخبر القوم؟ جعله الله معي يوم القيامة.”

فسكتنا، فلم يجبه منا أحد.

ثم قال: “ألا رجل يأتينا بخبر القوم؟ جعله الله معي يوم القيامة.”

فسكتنا فلم يجبه منا أحد.

ثم قال: “ألا رجل يأتينا بخبر القوم؟ جعله الله معي يوم القيامة.”

فسكتنا فلم يجبه منا أحد.

فقال: قم يا حذيفة! فأتنا بخبر القوم.

فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم.

قال: “اذهب فأتني بخبر القوم. ولا تذعرهم علي.”

فلما وليت من عنده، جعلت كأنما أمشي في حمام. حتى أتيتهم، فرأيت أبا سفيان[10] يصلى ظهره بالنار. فوضعت سهما في كبد القوس. فأردت أن أرميه، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ولا تذعرهم علي.” ولو رميته لأصبته. فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام. فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم وفرغت، قررت. فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها. فلم أزل نائما حتى أصبحت. فلما أصبحت قال: “قم يا نومان”.[11]

وكذلك بعث طليعة أخرى إلى بنى قريظة[12] بعد ذلك.  كما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم: “من يأتيني بخبر القوم؟” يوم الأحزاب.

قال الزبير[13]: أنا.

ثم قال: من ياتيني بخبر القوم؟

قال الزبير: أنا.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير.”[14]

ثم بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيته المستقبلية على تلك المعلومات وتحليلها. فخلص رسول الله صلى عليه وسلم إلى أن ميزان القوى تتأرجح لصالح المسلمين فيتمكنون من مبادرة الأعداء بالهجوم. لقد انتقلت المرحلة من مرحة الدفاع ومجرد الحفاظ على كيان الدعوة إلى مرحلة الهجوم ومحاولة توسيع دائرة التأثير. وفتح نوافذ جديدة لانطلاق الدعوة. فقال صلى الله عليه وسلم: “الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم.”[15]

ولا يقتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ممارسة التخطيط والتدبير على الشؤون العامة فقط، بل كان كذلك يضع تدابير لقوت أهله أيضا. فقد روى البخاري عن عمر رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم كان يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم.[16]

فكان التوكل عنده صلى الله عليه وسلم ليس رفضا للأسباب وإنما هو عدم الركون إليها والاعتماد عليها. وهو سيد المتوكلين. كما تبين ذلك في الباب الأول والحمد لله.

تشريعه صلى الله عليه وسلم لصالح الأجيال القادمة

ثم كان من نظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم البعيدة أن شرع تشريعات ذات طابع مستقبلي بعيد. فقد اتخذ تدابير تحدد مسيرة الأمة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. لم يفارق الدنيا حتى وجه لأصحابه ماذا عليهم أن يفعلوه بعد مماته.

فكان يبرز بعض الشخصيات التي يجب أن يعتمد عليها بعده، صلى الله عليه وسلم.

روى الشيخان أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء، فأمرها أن ترجع إليه.

قالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت ولم أجدك؟

كأنها تريد الموت.

قال: “إن لم تجديني فأتي أبا بكر”.[17]

وكان كذلك يخبر أصحابه بدور أبي بكر وعمر بعد وفاته.

فعن عبد الله بن عمر أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: أريت كأني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين، فنزع نزعا ضعيفا، والله تبارك وتعالى يغفر له، ثم جاء عمر، فاستقى فاستحالت غربا، فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه، حتى روى الناس وضربوا العطن.[18]

ثم لما حضرته الوفاة أراد أن يوصي أصحابه برجل يكون خليفة بعده، لكن ترك الأمر لاطمئنانه أن المسلمين قد عرفوا مكانة أبي بكر وكفاءته، فلن يختاروا غير أبي بكر. فكان كما توقع. صلى الله عليه وسلم.

عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: “ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى. ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر.”[19]

وكان يُعدّ إرسال الجيش لمقارعة الروم وهو في فراش الموت صلى الله عليه وسلم.

فعن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين[20] عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى عند موته بثلاث: “أوصى أن ينفذ جيش أسامة[21]، ولا يسكن معه المدينة إلا أهل دينه.” قال محمد: ونسيت الثالثة.[22]

وفي الطبقات الكبرى روى ابن سعد بسنده إلى عروة بن الزبير[23] قال: “ومرض رسول الله صلى الله عليه وسلم  فجعل يقول في مرضه: “أنفذوا جيش أسامة! أنفذوا جيش أسامة!”.[24]

لقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر لبعده الإستراتيجي لأن هذا يضمن استمرار حركة الدعوة في التمدد والتوسع، لما يكتنفه هذا الإجراء من ظروف لم يمر بالمسلمين مثلها خاصة أن رسول الله عليه وسلم اشتد مرضه. ولكن عزم الرسول صلى الله عليه وسلم وعزم خليفته الأول تغلب على كل تلك الصعوبات.

وكان من بعد تخطيط الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا أن يأمر بإخلاء جزيرة العرب من أي دين غير الإسلام.

روى الإمام مالك[25] في موطئه بسنده عن عمر بن عبد العزيز[26] كان من آخر ما تكلم به رسول الله  صلى الله عليه وسلم أن قال: “قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يبقين دينان  بأرض العرب.”[27]

وكان يخبر بما سيكون من الفتن بعده صلى الله عليه وسلم، فيحذر أمته من الوقوع فيها.

عن حذيفة رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه[28].

وعن أبي سعيد الخدري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما صلاة العصر بنهار، ثم قام خطيبا فلم يدع شيئا يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه. وكان فيما قال: “إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء.” وكان فيما قال: “ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه.”

قال فبكى أبو سعيد. فقال: قد والله رأينا أشياء فهبنا.

فكان فيما قال: “ألا إنه ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته، ولا غدرة أعظم من غدرة إمام عامة يركز لواؤه عند استه.”

فكان فيما حفظنا يومئذ: “ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، فمنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا، ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا،”

“ألا وإن منهم البطيء الغضب سريع الفيء، ومنهم سريع الغضب سريع الفيء، فتلك بتلك، ألا وإن منهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء، ألا وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء،”

“ألا وإن منهم حسن القضاء حسن الطلب، ومنهم سيء القضاء حسن الطلب، ومنهم حسن القضاء سيء الطلب، فتلك بتلك، ألا وإن منهم السيء القضاء السيء الطلب، ألا وخيرهم الحسن القضاء الحسن الطلب، ألا وشرهم سيء القضاء سيء الطلب،”

“ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟ فمن أحس بشيء من ذلك فليلصق بالأرض.”

قال: وجعلنا نلتفت إلى الشمس هل بقي منها شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  “ألا إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه”.[29]


[1] سيرة ابن هشام (1/243)، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ، السيرة النبوية لابن كثير (2/3)، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفداء، دار إحياء التراث العربي، بيروت

[2] جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي أبو عبد الله بن عم النبي وأحد السابقين إلى الإسلام وأخو علي شقيقه قال بن إسحاق أسلم بعد خمسة وعشرين رجلا وقيل بعد واحد وثلاثين قالوا وآخى النبي بينه وبين معاذ بن جبل كان أبو هريرة يقول إنه أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، كان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويخدمهم ويخدمونه فكان رسول الله يكنيه أبا المساكين وقال له النبي أشبهت خلقي وخلقي، هاجر إلى الحبشة فأسلم النجاشي ومن تبعه على يديه وأقام جعفر عنده ثم هاجر منها إلى المدينة فقدم والنبي بخيبر وكل ذلك مشهور في المغازي بروايات متعددة صحيحة، استشهد بمؤتة من أرض الشام مقبلا غير مدبر مجاهدا للروم في حياة النبي سنة ثمان ففي جمادى الأولى وكان أسن من علي بعشر سنين فاستوفى أربعين سنة وزاد عليها على الصحيح (الإصابة 1/485-487)

[3] عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي أمير المؤمنين أبو عبد الله وأبو عمر وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس أسلمت وأمها البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله ولد بعد الفيل بست سنين على الصحيح، أسلم قديما قال بن إسحاق كان أبو بكر مؤلفا لقومه فجعل يدعو إلى الإسلام من يثق به فاسلم على يده فيما بلغني الزبير وطلحة وعثمان وزوج النبي ابنته رقية من عثمان وماتت عنده في أيام بدر فزوجه بعدها أختها أم كلثوم فلذلك كان يلقب ذا النورين، وجاء من أوجه متواترة أن رسول الله بشره بالجنة وعده من أهل الجنة وشهد له بالشهادة، وقال رسول الله: لكل نبي رفيق ورفيقي في الجنة عثمان. وقال بن مسعود لما بويع: بايعنا خيرنا ولم نأل. وقال علي: كان عثمان أوصلنا للرحم. وكذا قالت عائشة لما بلغها قتله: قتلوه، وإنه لأوصلهم للرحم وأتقاهم للرب. قال بن إسحاق قتل على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا واثنين وعشرين يوما من خلافته فيكون ذلك في ثاني وعشرين ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وقال غيره قتل لسبع عشرة وقيل لثمان عشرة رواه أحمد عن إسحاق بن الطباع عن أبي معشر وقال الزبير بن بكار بويع يوم الإثنين لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وقتل يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة بعد العصر ودفن ليلة السبت بين المغرب والعشاء في حش كوكب كان عثمان اشتراه فوسع به البقيع وقتل وهو بن اثنتين وثمانين سنة وأشهر على الصحيح المشهور. (الإصابة 4/456-458)

[4] عبدالله بن عبدالأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي من السابقين الأوليين إلى الإسلام. قال ابن إسحاق: أسلم بعد عشرة أنفس. توفي أبو سلمة في سنة أربع بعد منصرفه من أحد ( الإصابة 4/152-154)

[5] في ظلال القرآن (1/29)

[6] المنهاج الحركي في السيرة النبوية (1/67، 68) منير غضبان، مكتبة المنار، الأردن، الطبعة الثانية، 1471هـ-1998م

[7] أخرجه الإمام أحمد (3/322 رقم 14496)

[8] أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار أبو أمامة الأنصاري الخزرجي النجاري قديم الإسلام شهد العقبتين وكان نقيبا على قبيلته ولم يكن في النقباء أصغر سنا منه ويقال أنه أول من بايع ليلة العقبة, كان أسعد أول من جمع بالمسلمين بالمدينة قبل مقدم النبي في حرة بني بياضة في نقيع الخضمات، وقد اتفق أهل المغازي والتواريخ على أنه مات في حياة النبي قبل بدر (الإصابة 1/54)

[9] أخرجه أحمد (3/322)

[10] صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف   أبو سفيان   القرشي الأموي مشهور باسمه وكنيته وكان يكنى أيضا أبا حنظلة وأمه صفية بنت حزن الهلالية عمة ميمونة زوج النبي وكان أسن من النبي بعشر سنين وقيل غير ذلك بحسب الاختلاف في سنة موته. وهو والد معاوية، أسلم عام الفتح وشهد حنينا والطائف كان من المؤلفة وكان قبل ذلك رأس المشركين يوم أحد ويوم الأحزاب.  قال علي بن المديني مات لست خلون من خلافة عثمان وقال الهيثم لتسع خلون وقال الزبير في آخر خلافة عثمان وقال المدائني مات سنة أربع وثلاثين وقيل مات أبو سفيان سنة إحدى وقيل اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان وقيل مات سنة أربع وثلاثين قيل عاش ثلاثا وتسعين سنة وقال الواقدي وهو بن ثمان وثمانين وقيل غير ذلك (الإصابة 3/413-414)

[11] أخرجه مسلم (3/1414 رقم 1788)

[12] انظر فتح الباري (6/53)

[13] الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي أبو عبد الله حواري رسول الله وابن عمته أمه صفية بنت عبد المطلب وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى، أسلم وله اثنتا عشرة سنة وقيل ثمان سنين. وكان قتل الزبير بعد أن انصرف يوم الجمل بعد أن ذكره علي فروى أبو يعلى من طريق أبي جرو المازني قال شهدت عليا والزبير توافيا يوم الجمل فقال له علي أنشدك الله أسمعت رسول الله يقول إنك تقاتل عليا وأنت ظالم له قال نعم ولم أذكر ذلك إلى الآن فانصرف. وروى ابن سعد بإسناد صحيح عن بن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل أجئت تقاتل بن عبد المطلب قال فرجع الزبير فلقيه بن جرموز فقتله قال فجاء بن عباس إلى علي فقال إلى أين يدخل قاتل بن صفية قال النار وكان قتله في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وله ست أو سبع وستون سنة (الإصابة 2/553)

[14] أخرجه البخاري (3/1046رقم 2691)

[15] أخرجه البخاري (4/1505 رقم 3884)

[16] أخرجه البخاري في كتاب النقات باب حبس نفقة الرجل قوت سنة (5/2048 رقم 5042)

[17] أخرجه البخاري (3/1338رقم 3459، 6/2639 رقم 6794، 6/2679 رقم 6927) ومسلم (4/1856 رقم 2386)

[18] أخرجه البخاري (3/1329، 1345، 1347) ومسلم (4/1862) واللفظ له.

[19] أخرجه مسلم (4/1857) وابن حبان (14/564) والحاكم (3/542) والطبراني في الأوسط (5/23، 6/340)

[20] أبو جعفر محمد بن علي بن حسين علي بن أبي طالب الباقر كان من سلالة النبوة وممن جمع حسب الدين والأبوة ولد زين العابدين ولد سنة ست وخمسين في حياة عائشة وأبي هريرة ، ومن أقواله: ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك قل ذلك أو كثر. أسند أبو جعفر محمد بن علي عن جابر بن عبد الله الأنصاري وروى عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأنس وعن الحسن والحسين وأسند عن سعيد بن المسيب وعبيد الله بن أبي رافع وروى عنه من التابعين عمرو بن دينار وعطاء بن أبي رباح وجابر الجعفي وأبان بن تغلب وروى عنه ثلاثة من الأئمة والأعلام ليث بن أبي سليم وابن جريج وحجاج بن أرطاة في آخرين. ولقد كان أبو جعفر إماما مجتهدا تاليا لكتاب الله كبير الشأن. قال ابن فضيل عن سالم بن أبي حفصة سألت أبا جعفر وابنه جعفرا عن أبي بكر وعمر فقالا لي يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى   كان سالم فيه تشيع ظاهر ومع هذا فيبث هذا القول الحق وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل وكذلك ناقلها ابن فضيل شيعي ثقة. توفي أبو جعفر سنة أربع عشرة ومئة بالمدينة، وقيل: سبع عشرة ومائة (سير أعلام النبلاء 4/401-409)

[21] أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي الحب بن الحب يكنى أبا محمد ويقال أبو زيد وأمه أم أيمن حاضنة النبي قال بن سعد ولد أسامة في الإسلام ومات النبي وله عشرون سنة وقال بن أبي خيثمة ثماني عشرة وكان أمره على جيش عظيم فمات النبي قبل أن يتوجه فانفذه أبو بكر وكان عمر يجله ويكرمه وفضله في العطاء على ولده عبد الله بن عمر واعتزل أسامة الفتن بعد قتل عثمان إلى أن مات في أواخر خلافة معاوية وكان قد سكن المزة من عمل دمشق ثم رجع فسكن وادي القرى ثم نزل إلى المدينة فمات بها بالجرف وصحح بن عبد البر أنه مات سنة أربع وخمسين وقد روى عن أسامة من الصحابة أبو هريرة وابن عباس ومن كبار التابعين أبو عثمان النهدي وأبو وائل وآخرون وفضائله كثيرة وأحاديثه شهيرة (الإصابة 1/49)

[22] أخرجه الطبراني في الكبير (3/130 رقم 2891) والوصية الثالثة هي “أن أجيز الوفد بنحو ما كنت أجيزه” كما في رواية مسند الإمام أحمد (1/222رقم 1935)

[23] عروة بن الزبير بن العوام الأسدي أبو عبد الله المدني، فقيه عالم كثير الحديث صالح لم يدخل في شيء من الفتن، ولد سنة ثلاث وعشرين وقيل تسع وعشرين ومات سنة إحدى وتسعين أو اثنتين وتسعين أو ثلاث أو أربع أوخمس أو تسع أو مائة أو إحدى ومائة (طبقات الحفاظ 1/29)

[24] الطبقات الكبرى (4/67)

[25] الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي الحميري أبو عبد الله المدني   شيخ الأئمة وإمام دار الهجرة، وقال الشافعي إذا جاء الأثر فمالك النجم مات بالمدينة سنة تسع وسبعين ومائة وهو ابن تسعين سنة وحمل به ثلاث سنين (طبقات الحفاظ 1/96)

[26] عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي المدني ثم الدمشقي أمير المؤمنين والإمام العادل، قال ابن سعد كان ثقة مأمونا له فقه وعلم وورع وروى حديثا كثيرا وكان إمام عدل ملك سنتين وخمسة أشهر وخمسة عشر يوما ومات يوم الجمعة لعشر بقين من رجب سنة إحدى ومائة (طبقات الحفاظ 1/53)

[27] الموطأ (2/592 رقم 1583)

[28] أخرجه مسلم (4/2217 رقم 2891)

[29] أخرجه الإمام أحمد (3/19رقم 11159، 3/61 رقم 11604)  والترمذي (4/483 رقم 2191) واللفظ له  والحاكم ( 4/551 رقم 8543) وقال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح.

الإعلان

One comment on “الرسول والتخطيط المستقبلي

  1. التنبيهات: الرسول والتخطيط المستقبلي – مستقبَلات الأمّة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

معلومات

This entry was posted on 13 جويلية 2009 by in مقالات.

الابحار

%d مدونون معجبون بهذه: