إن هذه الأخبار من النصوص التي تبشر بالخير والصلاح الدنيوي ينبغي أن تفهم على ضوء سنن الله التي لا تتبدل ولا تتحول.
إن انتشار هذا الدين واعتناق الناس له يجلب رحمة الله، وبالتالي فإن الله يفتح لهم بركات من السماء والأرض، فيفيض المال ويسود الأمن والرخاء. وصلاح الناس وإنصافهم لحقوق الآخرين يترتب عليه ظهور حاكم عادل، فليس بإمكان أي حاكم مهما أوتي من قوة وعلم وصلاح أن يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا إلا إذا كان معه أناس أصحاب نفوذ وعدد يعينونه على نشر العدل ومحاربة الظلم.
ولا يجب أيضا أن نتصور حدوث هذه الأخبار المبشرة على شكل خوارق دائما. فإن الأصل في الانتصار أن يتحقق على أكتاف رجال يحملون عبء هذا الدين ويجاهدون من أجله.
ولا يجوز كذلك أن نتوقع دائما أن النصر سيكون خالصا بدون شوائب في كل الأحوال، فقد يأتي نصر الله ويكون الحرب سجالا مرة الدائرة للمسلمين ومرة عليهم، أو قد تشوب الانتصار آثار الذنوب وبقايا الفتن تتلطخ بها أيادي بعض المسلمين، كما حدث لبني إسرائيل وكما وقع للمسلمين بعد القرون المفضلة. وكما سنرى عند الكلام في الأخبار المحذرة من الفتن لاحقا.
وسنة التداول تعمل في تاريخ الأمة ومستقبلها فإنها جزء من الابتلاء الذي خلقت الدنيا من أجله، فلذلك حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الفتن ومن تبدل الخير بالشر. فهي حكمة من الله عز وجل ليختبر عباده فيجازي المحسنين ويعاقب المسيئين أو يعفو عنهم.