ظهور المجددين في كل قرن
ومن المبشرات أن الله يبعث لهذه الأمة في كل قرن من يجدد لها دينها.
عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها.”[1]
قال ابن حجر: حديث أنه لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط، بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة -أي الطائفة المنصورة- وهو متجه، فإن المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير. ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز، فأنه قام بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها، ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه. وأما من جاء بعده كالشافعي وإن كان متصفا بالصفات الجميلة إلا أنه لم يقم بأمر الجهاد والحكم بالعدل. فعلى هذا كل من كان متصفا بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا”.[2]
“وقال المناوي في مقدمة فيض القدير –كما نقله صاحب عون المعبود- واختلف في رأس المائة هل يعتبر من المولد النبوي أو البعثة أو الهجرة أو الوفاة ولو قيل بأقربية الثاني لم يبعد، لكن صنيع السبكي وغيره مصرح بأن المراد الثالث. انتهى.
(من يجدد) مفعول (يبعث لها) أي لهذه الأمة دينها أي يبين السنة من البدعة ويكثر العلم وينصر أهله ويكسر أهل البدعة ويذلهم. قالوا: ولا يكون إلا عالما بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة. قاله المناوي في فيض القدير.
وقال العلقمي[3] في شرحه: معنى التجديد إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب لسنة والأمر بمقتضاهما.
قال الحافظ ابن حجر في توالي التأسيس: قال أبو بكر البزار[4]: سمعت عبد الملك ابن عبد الحميد الميموني[5] يقول: كنت عند أحمد بن حنبل فجرى ذكر الشافعي فرأيت أحمد يرفعه، وقال: روي عن النبي يقول إن الله تعالى يقيض في رأس كل مائة سنة من يعلم الناس دينهم. قال: فكان عمر بن عبد العزيز في رأس المائة الأولى وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى.”اهـ[6]
نزول المسيح عيسى ابن مريم
ومن المبشرات التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم نزول عيسى عليه الصلاة والسلام. فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “والذي نفسي بيده ليوشكن أن بن مريم صلى الله عليه وسلم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد.”[7]
عن جابر بن عبد الله يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة.”[8]
[1] أخرجه أبو داود (4/109 رقم 4291) والحاكم (4/568 رقم 8593) والطبراني في الأوسط (6/324 رقم 6527) وقال العجلوني: رواه ابو داود عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجه الطبراني في الأوسط عنه أيضا بسند رجاله ثقات وأخرجه الحاكم من حديث ابن وهب وصححه وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث (كشف الخفا 1/282).
[2] فتح الباري (13/295)
[3] الشيخ شمس الدين محمد بن العلقمي الشافعي المتوفى سنة 929 له الكوكب المنير شرح فيض القدير (كشف الظنون 1/560)
[4] الحافظ العلامة الشهير أبو بكرأحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري صاحب المسند الكبير رحل في آخر عمره إلى أصبهان والشام بنشر علمه مات بالرملة سنة اثنتين وتسعين ومائتين (طبقات الحفاظ 1/289)
[5] أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني الجزري صاحب الامام أحمد روى عنه وعن أبيه عبد الحميد وجماعة وعنه النسائي ووثقه أبو حاتم وآخرون مات سنة أربع وسبعين ومائتين (طبقات الحفاظ 1/267)
[6] عون المعبود (11/260) مختصرا
[7] أخرجه البخاري (2/774، رقم 2109، 2/875 رقم 2344) ومسلم (1/135 رقم 155).
[8] أخرجه مسلم (1/137)